الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فظاهر السؤال أن الأخت تشتكي من عداوة صاحبتها وتسأل عما إذا كان يجوز لها الانتقام منها.
والجواب: أن واجب المسلم عدم عداوة أخيه لما ينتج عن ذلك من القطيعة خاصة بين الأقارب ودين الإسلام دين محبة ودين تأخي وتسامح وسلام، ومما يجب على المسلم درء السيئة وزرع الحسنة وفي هذا قال الله عزوجل:” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”(فصلت:34) وتدرأ السيئة بالمحبة والصبر حتى يجعل العدو صديقا.
ولا يفعل هذا إلا من يصبر على ما يناله من أذى الآخرين ولا يفعله أيضا إلا من وفقه الله لدفع السيئة بالحسنة ورسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في زرع الحسنة ودفع السيئة وذلك فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسالم قال:” لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ”([1])وتجاوز عليه الصلاة والسلام كل ما تعرض له فقال لمن آذاه:” اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ”([2]) وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَوْلِيَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَالطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ”([3]).
هذا في عموم المسألة: أما عن السؤال فلا يجوز للأخت أن تنتقم من صاحبتها فالسيئة لا تدفع بالسيئة ولكن تدفع بالحسنة فينبغي لها أن تسامح صاحبتها ولو كانت قد أساءت لها وتشعرها عن محبتها لها فهذا يدفع العداوة بينهما وما تفعله من المحبة والتسامح لا يضرها بل يحصل لها به الأجر وتسلم من الإثم.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه البخاري (6065)، ومسلم (2559).
[2] “سيرة ابن هشام” (2/ 412).
[3] وروى الإمام أحمد (19215)