الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأخت تسأل عن الأوراق التي فيها اسم الله -عز وجل- وليس لها حاجة، والخشية أن تضيع وتهمل، وما إذا كان يمكن حرقها.
الواجب ألا تمتهن هذه الأوراق لما فيها من اسم الله -عز وجل-، وما يجب من تقديس اسمه وتعظيمه في كل كبيرة وصغيرة؛ وخشية من امتهان هذه الأوراق يجب دفنها في التراب، أو تمزيقها عن طريق الآلة الخاصة بتمزيق الأوراق، وتحويلها إلى جزئيات صغيرة يختفي معه ما فيها من كتاب، أو حرقها، والأصل في هذا ما فعله الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقد جعل الصحف في مصحف واحد ثم أحرقها، وقصة ذلك أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- اهتما بجمع القرآن، بعد مقتل عدد من القراء من الصحابة في الحروب، فكان القرآن متفرقًا في الصحف، وبعد جمعه كان عند أبي بكر، ثم عند عمر، وبعد وفاتهما كان عند حفصة زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- كان في مغازي أرمينيا وأذربيجان والعراق، ورأى ما كان عليه المسلمون هناك من القراءة بقراءة هذا الصحابي، وقراءة الصحابي الآخر، فكتب إلى عثمان -رضي الله عنه- أن أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف مثل اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان -رضي الله عنه- إلى حفصة -رضي الله عنها- أن ترسل المصحف الذي عندها، فأرسلته فنسخ ثم أرسل إلى البلدان؛ ليكون هو المصحف المعتمد المتفق عليه مما كان عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وكُتَّاب الوحي، ثم جمع عثمان الصحف المتعددة فأحرقها([1]).
فالحاصل: جواز حرق الأوراق التي فيها اسم الله -عز وجل-؛ خشية امتهانها، فإن أحرقت أو مزقت بواسطة الآلات الخاصة بتمزيق الأوراق فلا بأس من ذلك -إن شاء الله-.
المهم الحرص على ما فيه اسم الله -عز وجل- وما يجب من تقديسه وتعظيمه وعدم امتهان اسمه.
([1]) ينظر: التفسير المبين، للدكتور: عبد الرحمن بن حسن النفيسة، مبحث: جمع القرآن وترتيبه، (1/18-23).