سؤال من الأخت ق.ي. من الجزائر، تقول فيه: هل يجوز البقاء مع زوج يقذف زوجته، ويتهمها بالفاحشة، وهي بريئة مع سوء المعاملة؟.

قذف الزوج لزوجته بارتكاب الفاحشة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر سؤال الأخت عن زوج قذف زوجته بارتكاب الفاحشة، وهي بريئة مما قذفها به، هذا مع سوء معاملته لها.

والجواب: أن في قذف المؤمنات المحصنات إثمًا عظيمًا، وقد عظم الله أمره في قوله -عز وجل-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النور:23).

كما عظم أمرَه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟، قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التـي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»([1])، الموبقات أي: المهلكات.

وهذا القذف مما يتساهل فيه بعض الأزواج نتيجة غضب، أو سوء معاملة لزوجته، أو كيدٍ لها، ولا يعلم مدى الإثم الذي يلحقه بسبب قذفه.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فإن كان القاذف يقصد اتهام زوجته بارتكاب الفاحشة (الزنا) فعليه أن يثبت ذلك بأربعة شهود، أو يلاعنها؛ لقول الله – تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (النور:6)، ثم يتلاعنان على هذا الأساس، أما إن كان قصده للقذف غيـرَ ذلك، أي: لم يكن يقصد حقيقة القذف، فللزوجة المقذوفة أن تطلب إقامة الحد عليه، والأصل في ذلك قول الله -عز وجل- : ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور:4-5)، ويحق للزوجة في السؤال أن تطلب إقامة الحد على من قذفها، فإن عفت عنه سقط الحد.

والحاصل أن في القذف إثمًا عظيمًا، واستحقاق القاذف للجلد، وسقوط عدالته، ووصفه بالفسق، ما لم يتب إلى الله، ويبـرأ من المقذوف، وفي هذه المسألة يستحق الزوج الحد، ما لم تعفُ زوجته عنه، إلا إذا أثبت بأربعة شهود ما قذفها به.

والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه البخاري برقم (2766).