الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالجواب إنه لا شك في محبة الذين يحتفلون بمولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم يرجون ثواب ما يحتفلون به، ولكن علينا أن نتبصر أن فيما نعمل فالدين ليس بالرأي وإنما بالاتباع أي اتباع ما أنزل الله وأوحى به إلى رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ﴿مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ”([1])وقال -عليه الصلاة والسلام- في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-: ” عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”([2]).
وفي هذا لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يؤيد هذا الاحتفال بمولده بل إنه -عليه الصلاة والسلام- قال في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ” لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ”([3])، كما أنه لم يرد عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو تابعيهم أو في القرون الأولى من البعثة ما يدل على هذا الاحتفاء إنما حدث في القرون التالية حين امتزج القريب بالبعيد وكثر الكلام وتعددت الأقوال وأصبح هذا الاحتفال كأنه واجب.
والخير كل الخير أن يتبع المسلم ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو القدوة الحسنة كما قال الله عزوجل: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:21]، كما أن على المسلم أن يتبع ما ورد عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم وكذلك ما ورد عن الأئمة الأعلام.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه مسلم (1718).
[2] أخرجه أبو داود (4607) واللفظ له، وأحمد (17185)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (٤٦٠٧): صحيح.
[3] أخرجه البخاري (3445).