الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فهناك حقوق مشتركة بين الزوجين حقوق له على زوجته وحقوق لزوجته عليه، أما الحقوق له فمنها خدمته في طعامه ولباسه وحفظ ماله وعرضه وتربية ولده ومعاشرته بالمعروف، وهذه الحقوق معلومة للزوجات، وأما حقوق الزوجة على زوجها فمنها الإنفاق عليها بما يشمل ذلك من وجوه النفقة المشروعة، وكذا ما يجب عليه من معاشرتها بالمعروف وفقا لعقد الزوجية، والأعراف المعلومة بين الناس.
والسؤال عما إذا كان يجب عليه تعيين خدامة لها فقد اتفقت المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على حقها في تعيين الخدامة إذا كان الزوج موسرا([1]).
وهذه الخدمة يحكمها أيضا العقد بينهما فإن كان العقد ينص على توفير هذه الخدمة وجب على الزوج القيام بما عليه لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة:1)، وقوله عز ذكره: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) (الإسراء:34)، أما إن كان العقد لا ينص على توفير هذه الخدمة لها فتستحق هذه الخدمة من باب حسن المعاشرة بالمعروف وذلك مثل مثيلاتها ممن يخدمن.
هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخت، فإذا كانت الزوجة المشار إليها لا تستطيع أداء الخدمة لزوجها ولا لنفسها، فالواجب على الزوج توفير الخدامة لها إذا كان قادرا فهذه الخدمة تعد من المعاشرة بالمعروف عملا بقول الله عز وجل: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء:19)، وعملا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي“([2]).
فالحاصل أنه إذا كانت الزوجة لا تستطيع خدمة بيتها وجب على زوجها مساعدتها إذا كان قادرا، فهذا ليس من باب المعاشرة بالمعروف فحسب بل بسبب عدم قدرتها على أداء الخدمة نفسها، ناهيك بأن الله لا يكلفها بهذه الخدمة لقوله جل في علاه: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286).
والله تعالى أعلم.
[1] ((المبسوط)) للسرخسي (5/329)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/669)، و((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/135). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/734) و ((روضة الطالبين)) للنووي (9/44)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/432). و ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (4/443)، ((الإقناع)) للحجاوي (4/138)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/620).
[2] أخرجه الترمذي (3895) واللفظ له، والدارمي (2260)، وابن أبي الدنيا في ((مداراة الناس)) (154) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم(3895).