سؤال من الأخت “ف.ء ” من الجزائر تقول: ما حكم تناول حبوب منع الحمل لضمان عدم حدوث الحمل علما بأن هذه الأخت مسافرة للدراسة إلى الخارج لمدة أربع سنوات، وهي لا تستطيع تحمل أعباء الحمل والولادة؟

حكم تناول حبوب منع الحمل للمسافرة للدراسة في الخارج

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،

فالجواب: أن حبوب منع الحمل مما عمت به البلوى في هذا الزمان، ويعد هذا المنع مغايرا لإرادة الله في خلقه، فهذا الحمل يجب النظر إليه من جانبين:

الجانب الأول: أنه إرادة الله في خلقه ولا مبدل لحكمه فقد جعل عز وجل خلق الإنسان من آياته قال جل في علاه: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) (النحل:72)، وقال عز ذكره: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚإِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)، ولما قالت الملائكة أتجعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء، قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)، فدل هذا على أن خلق الإنسان أمر إلهي لا خيار للإنسان فيه، فمن يحاول التغيير في هذا الخلق بالمنع منه يعد مغايرا لخلق الله.

الجانب الثاني: أن الحمل حالة طبيعية لا يستطيع الإنسان ذكرا أو أنثى مقاومة هذا الخلق، فالإنسان يميل إلى الإنجاب ولو أراد منع هذا لما استطاع؛ لأن تكوينه الخلقي وميله الفطري يجعل له الرغبة في الإنجاب، والذين يحاولون الآن العبث في هذا الخلق بما يسمى المثليين مغايرون لإرادة الله، وقد مقتهم في كتابه العزيز و وعدهم بالعذاب.

فالجواب: أنه لا يجوز منع الحمل لمجرد المنع؛ لأن هذا مغاير لإرادة الله ولا يستثنى منه إلا إذا كانت المرأة لا تستطيع الحمل بسبب مرض أو عذر شرعي، وما عدا ذلك فلا يجوز؛ لأن الحمل من سنن الله في خلقه (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) (فاطر:43)، ذلكم هو قول الله وحكمه الحق.

هذا في عموم المسألة وحكمها، أما عن حالة الأخت السائلة التي تريد السفر للدراسة والاغتراب فهذا من الأمور التي تحكمها الضرورة فقاعدة منع حبوب الحمل لها استثناءات متعددة، كالمرض ونحوه من الأعذار المشروعة.

والله تعالى أعلم.