الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فتحية المسجد تشرع في كل وقت، ولو كان وقت نهي، فتجوز بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، فمن دخل المسجد صلى ركعتين؛ لحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: ” أَتَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: (صَلِّ رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي)”([1])، وما رواه أيضًا أبو قتادة صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “دخلت المسجد ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس)([2])، هذا هو الأصل في تحية المسجد، رغم ما وردت به الأحاديث من النهي عن الصلاة عند غروب الشمس وعند طلوعها، ومن هذه الأحاديث ما وراه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا بدا حاجبُ الشمسِ فأَخِّروا الصلاةَ حتى تَبرُزَ، وإذا غاب حاجبُ الشمسِ، فأَخِّروا الصلاةَ حتى تَغِيبَ)([3]). وما ذكره عقبة بن عامر -رضي الله عنه-قال: “ثلاثُ ساعاتٍ كانَ رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَنهانا أن نصلِّيَ فيهنَّ، أو نقبُرَ فيهنَّ مَوتانا: حينَ تطلعُ الشَّمسُ بازغةً حتَّى ترتفعَ، وحينَ يقومُ قائمُ الظَّهيرةِ حتَّى تميلَ، وحينَ تضيَّفُ للغُروبِ حتَّى تغرُبَ “([4]).
فهذه الأوقات التي ينهى فيها عن الصلاة عما لا سبب له، أما تحية المسجد، فمن ذوات الأسباب، فتشرع إذًا في كل وقت، ولو كان من أوقات النهي، أي أنها تجوز بعد صلاة الفجر وبعد العصر.
فالحاصل جواز صلاة تحية المسجد، ولو كان الوقت من أوقات النهي.
والله – تعالى- أعلم.
[1]– رواه البخاري (443) ومسلم (715).
[2]– رواه مسلم (714).
[3]– أخرجه البخاري (829)، ومسلم (829) واللفظ له.
[4]– أخرجه مسلم (831)، وأبو داود (3192)، وابن ماجه (1519)، وأحمد (17420) باختلاف يسير، والترمذي (1030)، والنسائي (565) واللفظ لهما.