الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالسؤال عن الحامل والمرضعة وما إذا كان يجوز لهما الفطر في شهر رمضان، إذا خافتا على نفسيهما أو وليدهما. والأصل فيه أن الله -عز وجل- أرأف بعباده من أنفسهم، فلم يشق عليهم ولم يكلفهم ما لا يطيقون، فوسعت رحمته كل شيء، فجعل التقوى مع الاستطاعة
ولم يجعل في الدين من حرج، فقال -جل في علاه-: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ
كُلَّ شَيْءٍ ۚ) (الأعراف:156) وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقال: -تقدس اسمه-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]. ولما أرسل رسوله إلى الثقلين أرسله رحمة لهم فقال -عز وجل-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- أمته بأن يأتوا من أمره ما استطاعوا بقوله: (وَما أَمَرْتُكُمْ به فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُم)([1]) الحديث. فالحامل والمرضع معرضتان للتعب من الصيام، فتخشيان على نفسيهما وولديهما من شدة الجوع والعطش، فيكون لهما العذر في الإفطار.
ففي حالة خوفهما على نفسيهما تفطران وتقضيان ما فاتهما. أما إذا خافتا على ولديهما فتقضيان ما فاتهما مع الكفارة، وهي طعام مسكين عن كل يوم أفطرتا فيه، إذا كانتا تقدران على هذه الكفارة.
والله – تعالى- أعلم
[1] – أخرجه مسلم برقم:( 1337).