سؤال من الأخت فاطمة من الجزائر، تقول: أريد الاستفسار عن شخص أعار شخصًا آخر نقودًا، وعندما أرجعها له كان ذلك من مصدر مشبوه مثل الربا أو بيع المحرمات. ماذا يفعل؟ أيأخذ النقود أم لا؟

رد القرض من مال مشبوه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر السؤال أن الذي رد القرض لصاحبه رده من مال مشبوه.

والجواب عن هذا من وجهين: الوجه الأول: إن كان صاحب القرض يعلم أن المال الذي رده المقترض مال حرام، كالسرقة أو بيع المحرمات أو نحو ذلك من الأموال المحرمة فلا يجوز له قبوله؛ لأنه إن قبله فإنه يكون متعاونًا على الإثم، وقد حرم الله ذلك، فقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] فالمتعاون على الإثم شريك مع فاعله في إثمه، فيكون حكمه كحكمه.

الوجه الثاني: إن كان ما قيل عن مال المقترض مجرد وشاية أو مجرد إشاعة فلا يجوز لصاحب القرض رد قرضه، بل يجب عليه أخذه؛ لأنه وفاء لدين، وخير للدائن الحصول على حقه من مدينه، والأصل في هذا أخذ المسلم على ظاهره، وعدم تتبع عورته أو التجسس عليه، أو على مصادر ماله، فالأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله)([1]). والأصل فيه أيضًا قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “لم نؤمر بتتبع عورات الناس”

فالحاصل: أنه لا يحق للمقرض رد قرضه من صاحبه، إلا إذا كان يعلم علم يقين أن مال المقترض حرام.

والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه الترمذي برقم (2032)، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٧٩٨٤).