الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا يظهر أن لكحل العينين أثرًا في التسلل إلى جوف الصائم، والمعيار أنه إذا لم يكن هناك أثر له فلا بأس منه في أثناء الصيام، ومع ذلك فالأحوط عدم استعماله نهارًا واستعماله بعد الإفطار،ذلك هو الأفضل([1]). والله – تعالى- أعلم
[1] الاكتحال غير مكروه عند الحنفية والشافعية ، بل أجازوه ، ونصوا على أنه لا يفطر به الصائم ولو وجد طعمه في حلقه ، قال النووي : لأن العين ليست بجوف ، ولا منفذ منها إلى الحلق.
وتردد المالكية في الاكتحال ، فقالوا : إن كان لا يتحلل منه شيء لم يفطر ، وإن تحلل منه شيء أفطر . وقال أبو مصعب : لا يفطر . ومنعه ابن القاسم مطلقا . وقال أبو الحسن : إن تحقق أنه يصل إلى حلقه ، لم يكن له أن يفعله ، وإن شك كره ، وليتماد ( أي يستمر في صومه ) وعليه القضاء ، فإن علم أنه لا يصل ، فلا شيء عليه . وقال مالك في المدونة : إذا دخل حلقه ، وعلم أنه قد وصل الكحل إلى حلقه ، فعليه القضاء ولا كفارة عليه . وإن تحقق عدم وصوله للحلق لا شيء عليه ، كاكتحاله ليلا وهبوطه نهارا للحلق ، لا شيء عليه في شيء من ذلك.
وهذا أيضا مذهب الحنابلة ، فقد قالوا : إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه ويتحقق الوصول إليه فسد صومه ، وهذا الصحيح من المذهب . ينظر: فتح القدير 2 / 269 ، ورد المحتار 2 / 113 و 114 ، حاشية العدوي على الخرشي 2 / 249 ، وجواهر الإكليل 1 / 149 ، والقوانين الفقهية ص 80 ، والمدونة 1 / 197، والمهذب 6 / 347 ، وروضة الطالبين 2 / 357، المغني 3 / 38 ، والإنصاف 3 / 299 و 300 . و ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 28/71-72.