الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب عن هذا من وجهين، الوجه الأول: أما العطور للصائم فلا يجوز استنشاقها؛ لأن ريحها ينفث إلى جوف الصائم مما ينشطه، والمعيار في هذا ألا يدخل إلى جوف الصائم فينشطه أو يقويه في أثناء صيامه، فالواجب في هذا عدم استنشاقها، أما إذا كان ريحها في الملابس ونحوها فهذا لا بأس به، حتى لو شمها من بعيد.
الوجه الثاني: وأما البخور(العود) فله وجهان: إن كانت رائحته من بعيد سواء في الأماكن أو الملابس وغيرها فلا بأس منه، أما إن كان المراد استنشاقه فهذا لا يجوز للصائم؛ لأنه يتسلل إلى جوفه ناهيك بأن لدخان البخور أضرارًا لا تختلف عن الأضرار التي يسببها دخان التبغ، إن لم يكن هذا أخطر منه؛ لما يسببه استنشاقه من التسلل إلى الرئتين، وما ينتج من ذلك من آثار صحية خطيرة.
وقد ذهب الحنفية([1]) والمالكية([2]) إلى أنه لو أدخل الصائم إلى حلقه البخور وشم رائحته أفطر؛ لإمكان التحرز عنه . وإذا لم يصل إلى حلقه لا يفطر، أما لو شم هواء فيه رائحة الورد ونحوه مما لا جسم له فلا يفطر عند الحنفية . وكرهه المالكية.
كما يكره عند الشافعية([3]) شم الرياحين ونحوها نهارا للصائم؛ لأنه من الترفه، ولذلك يسن له تركه .
وعند الحنابلة([4]) إذا كان الطيب مسحوقا كره شمه، لأنه لا يؤمن من شمه أن يجذبه نفسه للحلق، ولذلك لا يكره شم الورد والعنبر والمسك غير المسحوق([5]).
والله – تعالى- أعلم.
[1] ابن عابدين 2 / 97، 113.
[2] أسهل المدارك 1 / 419، وجواهر الإكليل 1 / 149، وحاشية الدسوقي 1 / 525.
[3] أسنى المطالب 1 / 422، والجمل على شرح المنهج 2 / 329.
[4] شرح منتهى الإرادات 1 / 454.
[5] ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 26/210.