سؤال من الأخت فاطمة، يقول: هل يجوز رفع اليدين والدعاء عقب حلقات التلاوة؟

حكم رفع اليدين بالدعاء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فالله -عز وجل- أمر بدعائه ووعد بإجابة الداعي، فقال -جل في علاه- لنبيه ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: ١٦٨]، ثم أمر عباده أن يدعوه بقوله -عز ذكره-: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف: ٥٥]، وقال -تقدس اسمه-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: ٦٠]، أما في السنة فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “ الدُّعاءُ هوَ العبادةُ”([1]) وقال -عليه الصلاة والسلام-:«ليس شيء أكرم على الله من الدعاء»([2]) وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء، فقِمِن أن يستجاب لكم»([3]). والأحاديث في هذا كثيرة.

أما عن رفع اليدين في الدعاء، فقد روى مالك بن يسار أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سألتم الله، فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها» ([4])، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله:« المسألَةُ أن ترفعَ يديْكَ حذوَ منْكبيْك »([5]). ورفع اليدين بالدعاء مما هو مأثور في صلاة الاستسقاء» وصلاة الوتر (الجماعي) ودعاء العبد لنفسه ووالديه، ودعاء المظلوم على ظالمه، فالعبد حين يدعو ربه يرفع يديه إلى السماء دون تحديد، باستثناء دعوته بقطيعة رحم أو معصية، والأصل فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:  « يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!»([6])، وهذا دلالة على عدم استجابة من يدعو وهو على تلك الحال من الذنوب والمعاصي.

أما سؤال الأخت عن رفع اليدين عقب حلقات تلاوة القرآن الكريم فلم أقف له على أثر، ولكن للعبد أن يرفع يديه عندما يدعو ربه. والله -تعالى- أعلم.

[1] أخرجه أبو داود (1479 )، والترمذي (2969 )، وابن ماجة (3828 ).

[2] أخرجه الترمذي (3370)، وابن ماجه (3829)، وأحمد (8748).

[3] رواه مسلم(479).

[4] أخرجه أبو داود (1486)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (2459)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (1639).

[5] صحيح سنن أبي داود للألباني(1489).

[6] – رواه مسلم