الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فإن الله عز وجل حرم على عباده ما يضرهم رأفة ورحمة بهم ومن ذلك الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، فقال جل في علاه: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ) (البقرة:219)، وهذا أول تحريم للخمر في بداية الإسلام، وبعد ذلك بين الله لعباده سوء الخمر والميسر، ونهاهم نهي تحريم عن هاتين الخطيئتين فقال تقدس اسمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90).
وبهذا بين الله الإثم الذي ورد في الآية السابقة، وهو هنا فتنة هذه الخطايا هي العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وكل هذا إثم وفساد.
هذا في عموم المسألة بإيجاز: أما سؤال الأخت فالمفهوم منه أن السائلة تقوم بخدمة أصحاب زوجها، وهم يقامرون أي يرتكبون أمرا حرمه الله عليهم، والأصل تحريم ما يتفرع من المحرم فمن يحمل الخمر ويبعها ويسوقها يعد شريكا في إثمها، مثله مثل من يتعاطاها ولهذا عدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحرمة عليهم وهي ساقيها وشاربها وعاصرها ومعتصرها في قوله عليه الصلاة والسلام (لعن اللهُ الخمرَ، وشاربَها، وساقِيها، وبائِعَها، ومبتاعَها، وعاصِرَها، ومعتصِرَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه)([1])، ومثل ذلك خدمة المتقامرين فلا يجوز خدمتهم في أكلهم وشربهم لما في ذلك مساعدتهم على الإثم.
لهذا لا يجوز للأخت السائلة خدمة المشار إليهم في السؤال كما لا يجوز لزوجها أن يجبرها على تقديم الخدمة لمن يرتكب المحرمات أيا كان مسماها فالأصل أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه النواس بن سمعان الأنصاري -رضي الله عنه-(لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ)([2]).
والله تعالى أعلم
[1] – أخرجه أبو داود برقم:( 3674) وقال الألباني في صحيح أبي داود رقم: (3674). ( صحيح ).
[2] – أخرجه البغوي في (شرح السنة) برقم (2455) وقال الألباني في هداية الرواة برقم:( 3624 ): (صحيح).