الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال أن لدى الأخت عقدًا فيه صورة، وتسأل عن صحة صلاتها فيه.
والجواب عن هذا: أن الأصل تحريم التصوير والصور؛ بحكم ما ورد من أحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه: ((لعن المصورين))([1])، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة))([2])، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ومن صور صورة عذب، وكلف أن ينفخ فيها، وليس بنافخ))([3]).
وعلى هذا فإن للتصوير وجهين:
الأول: الصور المعفو عنها بحكم الحاجة إليها، وهي الصور ذات الظل؛ لأنها أصبحت من أحكام الضرورات في هذا الزمان للتوثيق والحفظ، مما يحتاجه العباد في مختلف حياتهم، وربما لا يختلف أحد حول جوازها للأسباب المشار إليها.
الوجه الثاني: الصور المجسمة كالتماثيل ونحوها، فهذه الصور محرمة؛ لما فيها من مضاهاة خلق الله، ولعل هذا هو المقصود بالتكليف يوم القيامة أن ينفخ المصور الروح فيما صوره. وكانت هذه الصور والتماثيل مما عرفه الإنسان عند الأمم الغابرة، وورد ذكرها فيما حكاه الله -عز وجل- عن قوم إبراهيم، وقوله -عليه الصلاة والسلام- لهم: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (٥٣) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الأنبياء: 52-54].
هذا في العموم، أما عن سؤال الأخت، فإن كانت صورة الفراشة مجرد صورة غير مجسمة فلعها تدخل فيما عفي عنه، أما إن كانت مجسمة فالأحوط تركها، في الصلاة وغيرها.
وأود هنا أن أشير إلى نقطة مهمة، هي أن بعض الإخوة والأخوات قد يرى في هذا تشددًا لا معنى له في هذا الزمان، ولكن الأمر ليس كذلك؛ ذلك أن المسلم في أي زمان أو مكان ينبغي له أن يكون حريصًا على دينه، حتى فيما يعتقد أو يظن أن هذه المسألة أو تلك من الصغائر؛ لأن التساهل في هذا قد يؤدي إلى التساهل فيما هو أكبر منه، وهنا تتفكك أسس الاعتقاد.
فحاصل القول بأن صورة الفراشة إن كانت غير مجسمة فلا حرج فيها إن شاء الله، أما إن كانت على شكل صورة مجسمة فالأحوط تركها. والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الطلاق، باب: مهر البغي والنكاح الفاسد، برقم: (5347)، (7/61).
([2]) أخرجه البخاري، كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، برقم: (3322)، (4/130)، ومسلم، كتاب: اللباس والزينة، برقم: (2106)، (6/156).
([3]) أخرجه البخاري، كتاب: اللباس، باب: من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ، برقم: (5963)، (7/169)، ومسلم، كتاب: اللباس والزينة، برقم: (2110)، (6/162).