سؤال من الأخت” ع.ل” من الجزائر تقول: أعمل كمسؤولة في جمعية لرعاية الأطفال ونتلقى مساعدات من المحسنين وفي بعض الأحيان أتصرف في هذه المساعدات بأخذ جزء منها لأسرتي كما أقوم بتوزيع البعض منها على العاملين معنا مثل حارس الجمعية والسائق وغيرهما؟

التصرف في مال جمعية رعاية الأطفال

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فظاهر المسألة أن السائلة مسؤولة في جمعية رعاية الأطفال وتتصرف في مواردها.

والجواب: أن المفترض في الجمعية أن تكون لها ذمة مالية مستقلة سواء في رأسمالها أو فيما تتلقاه من إيرادات الناس لرعاية الأطفال من خلال الجمعية والأصل أن مال الجمعية أمانة عند المسؤولين عنها، وأمر الأمانة عظيم بينه الله عز وجل في قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. وقوله جل في علاه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]. وكما بين هذا الأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-بقوله: “آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان”([1]). فدل هذا على أن كل ما فيه أمر أو نهي يعد أمانة فالصلاة أمانة والزكاة أمانة وهكذا فكل مكلف مسؤول عن الأمانة فيما كلف به.

هذا بإيجاز في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخت فلا يجوز لها أبدأ أن تتصرف في مال الجمعية إلا فيما يخص الجمعية بمعنى أنه لا يجوز لها أن تعطي أسرتها من أموال الجمعية ما لم تكن مفوضة من المحسنين الذين يمدون الجمعية بالمال فالأخت ربما تصرفت من حسن نية فينبغي لها أن تجعل تصرفها فيما يخدم أهداف الجمعية.

أما فيما يخص صرفها للعاملين في الجمعية كالسائق ونحوه فإذا كان هذا الإعطاء مقابل جهدهم ولم يكن لهم رزق من الجمعية فذلك جائز بالقدر المعقول أما إذا كانوا يتقاضون رزقا من الجمعية وتريد أن تبرهم برزق آخر من الجمعية فهذا لا يجوز.

فالحاصل: أن الأموال التي يبذلها المحسنون للجمعية يجب أن تصرف في شؤون الجمعية وليس في أي شأن آخر.

والله تعالى أعلم

[1] -أخرجه البخاري (33)، ومسلم (59).