سؤال من الأخت ع. س. من الجزائر، يقول: ما حكم من أحدث (خرج منه الريح) في صلاته، وهو في الركعة الاخيرة؟

الريح التي تخرج من المصلي في أثناء صلاته

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالريح التي تخرج من الرجل أثناء صلاته نوعان: الأول: ما يشبه الريح، فيتخيل المصلي أنه قد أحدث وهو لم يحدث، والأصل فيه ما ورد في الصحيحين أنه شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ . قَالَ : (لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) ([1])، وما رواه ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ، وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا)([2]). فدل هذا على أن الشيطان يتربص بالعبد في صلاته، فينفخ  في دبره ليفسد عليه عبادته، فمن رأفة الله بعبده ألا يجعل له سلطانًا عليه، فأمر أن يبقى على طهارته وصلاته، فلا يخرج منها إلا إذا سمع صوتًا أو وجد ريحًا.

  هذا في عموم المسألة، أما  عن سؤال الأخت، فإذا كان المصلي سمع صوتًا أو  وجد ريحًا تخرج منه وجب عليه قطع صلاته؛ لأنه يكون قد أحدث، والشاهد فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ. قالَ رَجُلٌ مِن حَضْرَمَوْتَ: ما الحَدَثُ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قالَ: فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ).([3]) والفُساءُ والضُّراطُ مُشتركانِ في كَونِهما رِيحًا، وكَونِهما يَخرُجانِ مِن الدُّبُرِ، ويَتميَّزُ الأوَّلُ أنَّه بدونِ صَوتٍ، والثاني أنَّه مع صَوتٍ، والله – تعالى- أعلم.

[1] روى البخاري (137) مسلم (361).

[2] أخرجه القاسم بن سلام في ((الطهور)) (410)، والطبراني (11/222) (11556) باختلاف يسير، والبيهقي (3509) مختصرًا.

[3] رواه البخاري(135 ).