سؤال من الأخت ع.ب. من الجزائر، يقول: يا شيخ، ماحكم الزوج الذي يهجر زوجته بالسنة والسنتين، ويتركها كالمعلقة، لا يطلقها، ويحرمها من جميع الحقوق، كالتطبيب والكسوة وأمور النفقة؟

هجران الزوج لزوجته وما يجب فيه

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين ، أما بعد :

  فإن من أحكام الإسلام ألا يبخس أحد حق أحد أيًّا كان مسماه، زوجًا أو زوجة أو حاكمًا أو محكومًا، وفي هذا قال الله -عز وجل- : (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )(هود:85). فهذا حكم عام في كل أمر يتعلق بالعباد وعلاقاتهم ببعضهم، وقد قرن الله -عز وجل- هذا البخس بالإفساد في الأرض،  وفي بخس الزوج لزوجته إثم كبير؛ لأن العلاقة بينهما  تقوم على عقد سماه الله بالميثاق الغليظ في قوله 🙁 وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )(النساء: 21).  وهو إثم كبير؛ لأن الله -عز وجل- نهى الزوج أن يعلق زوجته فلا يحسن إليها ولا يتركها فقال : (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)(النساء:129). وفي هذا التعليق أيضًا إثم كبير ومخالفة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله في الحجة التي ودع  فيها الأمة: (واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم)([1]).  ومع أن الأصل في الزواج الدوام والاستمرار، إلا أن هذا قد يتعذر لأسباب كثيرة، فجعل الله  الافتراق مخرجًا لذلك؛ ودفعًا للظلم وسوء العشرة فقال-جل في علاه-:( وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ )(النساء:130) 

     فالواجب على الزوج في المسألة أن يؤدي واجبه في أداء الحقوق الزوجية التي فرضها الله أو يفارقها، فذلك هو الحق الذي أمر الله به عباده.

(وفي ختام المسألة نقول للأخت: هذا هو الجواب عما ذكرته، ويفترض فيه الصدق، ونشير إلى أن هذه فتوى جوابًا عن السؤال، أما القضاء فله حكمه  بعد سماع قول المدعي والمدعى عليه).

 

[1] – أخرجه الترمذي برقم (1162).