الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، أما بعد:
فإن من أحكام الإسلام ألا يبخس أحد حق أحد أيًّا كان مسماه، زوجًا أو زوجة أو حاكمًا أو محكومًا، وفي هذا قال الله -عز وجل-: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (هود:85). فهذا حكم عام في كل أمر يتعلق بالعباد وعلاقاتهم ببعضهم، وقد قرن الله -عز وجل- هذا البخس بالإفساد في الأرض، وفي بخس الزوج لزوجته إثم كبير؛ لأن العلاقة بينهما تقوم على عقد سماه الله بالميثاق الغليظ في قوله: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) (النساء: 21)، وهو إثم كبير؛ لأن الله -عز وجل- نهى الزوج أن يعلق زوجته فلا يحسن إليها ولا يتركها فقال: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) (النساء:129)، وفي هذا التعليق أيضًا إثم كبير ومخالفة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله في الحجة التي ودع فيها الأمة: (واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم)([1])، ومع أن الأصل في الزواج الدوام والاستمرار، إلا أن هذا قد يتعذر لأسباب كثيرة، فجعل الله الافتراق مخرجًا لذلك؛ ودفعًا للظلم وسوء العشرة فقال-جل في علاه-: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ) (النساء:130).
فالواجب على الزوج في المسألة أن يؤدي واجبه في أداء الحقوق الزوجية التي فرضها الله أو يفارقها، فذلك هو الحق الذي أمر الله به عباده.
(وفي ختام المسألة نقول للأخت: هذا هو الجواب عما ذكرته، ويفترض فيه الصدق، ونشير إلى أن هذه فتوى جوابًا عن السؤال، أما القضاء فله حكمه بعد سماع قول المدعي والمدعى عليه).
والله -تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه الترمذي برقم (1162)، حسنه الألباني في صحيح الترمذي، (١١٦٣)..