سؤال من الأخت عالية من ألمانيا، تقول: هل يجوز للخاطب أن يتولى عقد نكاحه بنفسه، ويكون مأذونًا شرعيًّا في نكاحه؟

هل يجوز للخاطب أن يتولى العقد بنفسه

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 فالنكاح له شروط هي: الولي وشاهدان عدلان والإيجاب والقبول من طرفي العقد.

وللخاطب في السؤال حالتان:

الأولى: إن كان غير ولي للمرأة فلا يجوز له تولي العقد بنفسه، فهو ليس بولي، وهذا ما عليه جماهير العلماء، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل، قالها ثلاثًا)([1]).

أما إن كان وليًّا للمرأة فيجوز له أن يتزوجها إذا قبلت به دون حاجة لولي آخر، والأصل فيه ما رواه سعيد بن خالد، أن عبدالرحمن بن عوف قال لأم حكيم بنت قارط: أتجعلين أمرك إليّ؟ قالت نعم، فقال: قد تزوجتك)([2]).

وقالت طائفة من العلماء منهم الإمام مالك والأحناف: لو قالت المرأة الثيب لوليها زوجني ممن ترى، فزوجها من نفسه أو اختار لها زوجًا لزمها ذلك([3]).

وخالف في ذلك الإمام الشافعي وداود الظاهري، وقالوا: يزوجها السلطان أو ولي أمر مثله؛ لأن الولاية شرط في النكاح فلا يكون الناكح منكحًا كما يبيع من نفسه([4]).

ونازع في ذلك الإمام ابن حزم، وقال: يجوز أن يكون الناكح منكحًا، وإن القول بألا يبيع من نفسه غير صحيح، واستشهد بزواج صفية -رضي الله عنها- قائلًا تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مولاته من نفسه وهو الحجة على من سواه، وأضاف بأن الله -عز وجل- قال في محكم كتابه: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) (النور:32)، فعلى هذا أن من أنكح أيمة من نفسه برضاها فقد فعل ما أمر الله – تعالى- به([5]).

وحاصل القول: إن الخاطب لا يجوز له أن يتولى العقد بنفسه ما لم يكن وليًّا للمرأة، فحينئذٍ يجوز له أن يتولى العقد بنفسه إذا كانت قد رضيت به، ولعل هذا هو الصواب؛ لأن ولاية ابن عمها أو قريبها أهم من ولاية السلطان وغيره لها.

والله – تعالى- أعلم.

 

[1] – أخرجه أبو داود برقم (2083)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٢٠٨٣).

[2] – أخرجه البخاري معلقًا (فتح الباري 9/188) ط السلفية.

[3] – بدائع الصنائع للكاساني 2/232وحاشية الدسوقي 2/233 والحطاب 3/439.

[4] – مغني المحتاج 3/163 والمغني لابن قدامة 6/469 وكشاف القناع 5/62.

[5] – المحلى بالآثار لابن حزم 9/62.