الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فقد كان المشركون عند نزول القرآن لا يحبون سماعه، وكانوا يَلْغُونَ فيه، أي: كما حكاه الله عنهم بقوله-عز وجل-: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ (فصلت: 26)، ثم نزل قوله-عز ذكره-: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأعراف: 204)، فالقرآن كتاب الله أنزله الله هداية لعباده فيما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، كما قال-عز وجل-: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ (الإسراء:9).
والاستماع للقرآن، والإنصات له من عقيدة المسلم، فهو أعظم كتاب أُنزل، وأشرف رسالة أرسلها الله إلى عباده، كما قال-جل في علاه-: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ﴾ (الحشر:21)، ووجود القنوات الفضائية والأجهزة التي تختزن القرآن سهَّلت الاستماع له في البيوت وفي غيرها، والأمر بالاستماع يوجب تلقي سمع المستمع للقرآن، والإنصاتَ له، ففي هذا الاستماع والإنصات أمل في رحمة الله، وهو معنى قوله-عز وجل-: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
فظاهر سؤال الأخت أن ربات البيوت يشغلن الأجهزة التي تنقل القرآن، ولكنهن لا يستمعن له عندما يعملن عمل المنزل، وهذا لا يتفق مع معنى الاستماع الذي أمر الله به؛ لأن الاستماع والإنصات يعني حضور الإنسان بسمعه وقلبه للقرآن، فهذا لا يعد سماعًا للقرآن، والإنصات له إطلاق صوت الجهاز في المنزل، دون مستمع يستمع له. والله-تعالى-أعلم.