سؤال من الأخت ” ض.ن ” من الجزائر تقول: هناك شامبو من خاصيته أنه يغير لون الشعر الأبيض للون الأسود هل يجوز استعماله؟

صبغ الشعر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،

فالجواب: أن في صبغ الشعر  باللون الأسود خلاف بين العلماء فطائفة منهم تقول بجوازه وتستدل بأن الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم كانا يصبغان الشعر  الأبيض باللون الأسود([1]) كما استدلوا بأن عددًا من الصحابة والتابعين كانوا يخضبون بالسواد، ولو كان ذلك حرامًا لما فعلوه وهم الأقرب إلى الرسالة وما فيها من النواهي([2]).

وترى طائفة أخرى من العلماء عدم جواز  صبغ الشعر الأبيض باللون الأسود واستدلت على ذلك بما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنمها- أنه أُتي بأبي قُحافةَ يومَ فتحِ مكَّةَ ورأسُه ولحيتُه كثَغامةٍ بيضاءَ، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: ” غيِّروا رأسَه واجتنِبوا السَّوادَ “([3]) وما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ” يَكونُ قومٌ يخضِبونَ في آخرِ الزَّمانِ بالسَّوادِ كحواصلِ الحمامِ لا يريحونَ رائحةَ الجنَّةِ”([4]).

والمهم  ألا يكون صبغ الشعر وسيلة إلى الغش بحيث تغير المرأة شعرها الأبيض بالأسود لكي يراها  خطيبها شابة ولا يجوز كذلك للرجل تغيير شعره لكي تراه مخطوبته شابا فهذا كله من الغش الذي لا يجوز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه:” مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا”([5]).

والله تعالى أعلم

[1] قال ابن القيم: (صَحَّ عن الحسَنِ والحُسَينِ -رَضِيَ اللهُ عنهما- أنَّهما كانا يَخضِبانِ بالسَّوادِ، ذكر ذلك ابنُ جَريرٍ عنهما في كتاب ((تهذيب الآثار)) وذكره عن عُثمان ابنِ عَفَّان، وعبد الله بن جعفر، وسعد بن أبي وقاص، وعُقبة بن عامر، والمُغيرة ابن شعبة، وجَرير بن عبد الله، وعمرِو بن العاصِ، وحكاه عن جماعةٍ مِن التابعين: منهم عمرُو بنُ عُثمان، وعليُّ بنُ عبد الله بن عباس، وأبو سَلَمة بنُ عبدِ الرَّحمن، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ الأسْود، وموسى بن طلحة، والزُّهري، وأيوب، وإسماعيل بن معد يكَرِبَ. وحكاه ابنُ الجوزي عن مُحارِب بنِ دِثار، ويزيدَ، وابنِ جُرَيج، وأبي يوسُفَ، وأبي إسحاق، وابن أبي ليلى، وزياد بن علاقة، وغيلان بن جامع، ونافعِ بنِ جُبير، وعمرو بنِ عليٍّ المقدمي، والقاسمِ بنِ سَلام). ((زاد المعاد)) (4/337). ويُنظر:  ((تهذيب الآثار-الجزء المفقود)) للطبري  (ص: 468 فما بعدها).

[2] وقد ذكر الطبري أنَّ الأحاديثَ التي فيها الأمرُ بتغييرِ الشيبِ إنَّما هي على سبيلِ الندبِ، والتي فيها النهيُ عن تغييرِه إنما هي على الكراهةِ لا التحريمِ وحكى الإجماعَ على ذلك. فقال: (إذ كان الأمرُ مِن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بتغييرِ ذلك ندبًا لا فرضًا، وإرشادًا لا إيجابًا، وكذلك: لا أرَى مغيِّرَ ذلك- وإن كان قليلًا ما ابيضَّ منه- حرجًا بتغييرِه؛ إذ كان النهيُ عن ذلك مِن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان تكريهًا، لا تحريمًا؛ لإجماعِ سلفِ الأمةِ وخلفِها على ذلك). ((تهذيب الآثار- الجزء المفقود)) للطبري (ص: 518)، ويُنظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/152).

[3] رواه مسلم (2102) والثغامة : هُوَ نَبْت أَبْيَض الزَّهْر وَالثَّمَر، وأَبُو قُحَافَة : اسْمه عُثْمَان ، وهُوَ وَالِد أَبِي بَكْر الصِّدِّيق -رضي الله عنه- ، أَسْلَمَ يَوْم فَتْح مَكَّة.

[4] صحيح أبي داود للألباني(4212).

[5] رواه مسلم(102).