الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن لخروج المرأة دون إذن زوجها أربعة وجوه:
الأول: خروجها من بيته دون إذنه مما ينقص من حقه أو يؤثر في قوامته أو يسيء إلى سمعته، فهذا لا يجوز لها فعله، فإن فعلته أثمت عليه.
الوجه الثاني: خروجها للعمل الذي لا ينقص من حقه، وليس فيه ضرر عليه، فهذا لا يجوز له منعها، كما لو كانت طبيبة أو ممرضة أو معلمة، فهذا لا يجوز له منعها؛ لكونها تمارس عملًا ينفعها وينفع غيرها.
الوجه الثالث: خروجها لطلب العلم، وفي هذا تفصيل، إن كانت المرأة تريد تعلم أمر دينها فيجب عليه تعليمها إذا كان يقدر على ذلك، فإن لم يكن قادرًا، حق لها الخروج لطلب العلم، ولو كان ذلك دون إذنه؛ لأن العلم بأمر دينها فرض عين، أما إن كانت عالمة وتريد زيادة علمها فلا تخرج إلا بإذنه، وفي هذا قال ابن عابدين: ” والذي ينبغي تحريره أن يكون منعها من كل عمل يؤدي إلى تنقيص حقه، أو ضرره، أو إلى خروجها من بيته، أما العمل الذي لا ضرر فيه، فلا وجه لمنعها، وكذلك ليس له منعها من الخروج إذا كانت تحترف عملًا من فروض الكفاية الخاصة بالمرأة، مثل عمل القابلة”([1]).
الوجه الرابع: لا يجوز له منعها من زيارة والديها، فإن منعها جاز لها الخروج بدون إذنه؛ لأن بر الوالدين فرض عين ولا يجوز لأحد إسقاطه ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق([2]).
والحاصل: أنه ليس للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إذا كان ينقص من حقه، أو يسبب له ضررًا، فإن خرجت أصبحت آثمة، ويستثنى من ذلك خروجها للعمل إذا كانت محتاجة إليه، أو كان خروجها لطلب العلم في دينها، إذا كانت تحتاج لهذا الطلب وهو غير قادر على تحقيقه لها، أو كان خروجها لزيارة والديها وأهلها.
[1] حاشية ابن عابدين ج3 98.
[2] حديث: ” لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” رواه أحمد (1098).