سؤال من الأخت ص.ت. من الجزائر، تقول: موظفة تعمل في محل للبيع المباشر، ويتعرض محلهم للسرقة بالخفية في أثناء دخول الزبائن وخروجهم، فيقوم صاحب المحل بمحاسبة العمال على المسروقات، والإنقاص من رواتبهم، فقرر العمال -من دون علم صاحب المحل- زيادة سعر المنتجات لتعويض قيمة المسروقات التي لا تتوقف، فهل فعلهم هذا حرام؟

تحميل العامل في المحل التجاري خسارة ما يحدث من سرقة

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيتبين من ظاهر السؤال وجود خطأين:

الأول: تحميل صاحب العمل عماله الخسارة التي تنتج من السرقة في محله التجاري، فهذا التحميل لا يجوز؛ لأنهم إن لم يكونوا مكلفين بمراقبة زوار المحل فليس عليهم من خطأ في السرقة، فالأصل أن الإنسان لا يتحمل ما لا طاقة له به؛ ولهذا علّم الله -عز وجل- عباده أن يدعوه ألا يحملهم ما لا طاقة لهم به: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: ٢٨٦]، كما أن الأصل ألا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى، بل يجب أن توفى كل نفس بما كسبت، وفي هذا قال -عز وجل- {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨]، وكان على صاحب المحل وضع (كاميرا مراقبة)، في المحل لحمايته من السرقة.

 الخطأ الثاني: قيام العمال بزيادة أسعار المنتجات دون علم صاحب المحل؛ وذلك لتعويض قيمة المسروقات. وهذا العمل من باب سوء الأمانة، فصاحب المحل قد حدد أسعار بضاعته للمستهلكين، فزيادة أسعارها دون علمه سوء أمانة، وفيه ضرر للمشترين، وقد عظم الله – تعالى- أمر الأمانة بقوله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٢٧]، كما عظم أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام- في آية المنافق: (…وإذا ائْتُمِنَ خان)([2]).

فالحاصل أنه لا يجوز لصاحب المحل تحميل عماله خسارة محله من السرقة، مالم يكن قد كلفهم بذلك، وكان عليه أن يحمي محله بكاميرا للمراقبة، كما أنه لا يجوز للعمال أن يزيدوا أسعار البضائع؛ لأن في ذلك خيانة للمستهلكين ولصاحب المحل.

والله – تعالى- أعلم.

 

[1]– أخرجه أبو داود (3535)، والترمذي (1264).

[2]– رواه البخاري (33) ومسلم (59).