الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل أن ولي البنت يعمل على ما ينفعها ولا يضرها، فهي أمانة عنده، والأمانة تقتضي بالضرورة نفي الضرر، فإذا تحقق الضرر دون سبب مشروع تنتفي الولاية عمن يستحقها، سواء كان الأب أو الأخ أو أي شخص آخر له حق الولاية عليها.
ويخطئ من يظن أن الولاية مطلقة، وأن للولي أن يتصرف في موليته بما يشاء، و دون سبب مشروع، وقد حكم الله -وحكمه الحق- في هذا الأمر بقوله -عز ذكره-: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:232)، والأصل في نزول الآية أن معقل بن يسار قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتـى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها؟ لا، والله لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله -تعالى- (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجتها إياه([1]).
هذا حكم الله الذي يقضي بأنه لا يجوز لولي المرأة أن يعضلها، ويمنعها من الزواج ممن هو على دين وخلق.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت، فلا تعد شكواها ضربًا من عقوق من عضلها كوالدها أو أخيها أو أمها، فهـي صاحبة حق في الشكوى؛ لأن الولاية عليها لا يجوز أن تكون سببًا لضررها، فإذا أصابها ضرر من وليها تحولت الولاية إلى الولي الحاكم الشرعي، وهو ولي من لا ولي له.
فالحاصل أن شكوى المرأة من عضلها يعد حقًّا لها، ولا يعد عقوقًا لمن عضلها.
والله -تعالى- أعلم.
[1] تفسير ابن كثير ج2 ص 37، والحديث أخرجه البخاري، برقم: (٥١٣٠).