الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فظاهر السؤال عن فتح المصحف، والنظر فيما يقع عليه، والوقوف عنده.
والجواب: أن مما ينبغي للعبد أن يتفاءلَ، ولا يتطيرَ، فكان النبي-صلى الله عليه وسلم-يحب الفأل الحسن، ويدل عليه ما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-: “أن النَّبيُّ-صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ-كانه يُعجبُهُ الفَألُ الحسَنُ، ويَكْرَهُ الطِّيرةَ”([1]).
والفأل الحسن ضد التطير، فالطِّيَرَةُ من أشد المعاصي، وكان العرب في جاهليتهم، وأممٌ أخرى يتطيرون من بعض الحيوانات والطيور، ومن بعض الشهور، وحتى من الولد والزوجة والمسكن، ولا شك أن هذا من الخلل في العقيدة؛ إذ الواجب على العبد أن يؤمن بالله، وبأنه لا أحد ينفع ولا يضر إلا هو، والأصل في هذا ما رواه عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «يا غُلامُ! إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظْكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ، وجَفَّتِ الصُّحفُ»([2])، فاقتضى هذا أن على العبد أن يتوكل على الله؛ لقوله-عز ذكره-: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ (الطلاق:3).
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا أرى أن التفاؤلَ المشارَ إليه جائزٌ، ولا أعلم فيه حديثا أو قولا يجيزه، فهو من المبتدعات، فقراءة القرآن وآياته كلها فوائد، فهو كلام الله العظيم؛ لهذا لا أرى جواز ما ذُكِرَ؛ لأنه من المبتدعات. والله-تعالى-أعلم.
[1] – أخرجه ابن ماجه (3536) واللفظ له، وأحمد (8393)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، (٢٨٦٤).
[2] -أخرجه الترمذي (2516) واللفظ له، وأحمد (2669)، صححه الألباني في صحيح الترمذي، (٢٥١٦).