الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب: أن الظالم إذا ظلم آخر، ثم اعتذر له، فالذي لم يلحقه ضرر كبير يجب عليه أن يسامحه؛ ذلكم أن من صفات المسلم العَفْوُ، والأصل في هذا قول الله-جل في علاه-: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134)، فدل هذا على عظمة العفو؛ لأن محبة الله يتطلع إليها المسلم.
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فالواجب عليها العفو عمن ظلمها؛ لكي تحظى بالأجر من الله، وتطهر قلبها من العداوة، فمن أفضل الدعاء الذي علمه الله عبادَه قوله-تقدس اسمه-: ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (الحشر: 10)، ومن دعاء الصالحين قولهم في مثل هذا: “اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم طهر قلبي من كل سوء”.
إن الله-عز وجل-هو الخالق القادر على عذاب الظلمة، ويعفو عنهم إذا تابوا، فلما بَيَّنَ عقاب الذين يحاربونه ورسوله، ويسعون في الأرض فسادا، استثنى -عز وجل -الذين تابوا، فقال: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (المائدة: 33-34) .
إذا عُلِمَ هذا فلعل السائلة أن تعذر من ظلمها؛ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. والله -تعالى- أعلم.