الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين محمد، وآله وصحابته أجمعين، أما بعد:
إذا أقرض شخص آخر وردّ هذا القرض مع زيادة عليه، فما حكمه؟ هذا هو ظاهر سؤال الأخت والأمثلة في هذا كثيرة، ومنها أن يقرض شخص آخر ثم يرد هذا القرض ومعه هدية، إما مالًا وإما أي شيء عيني فهذا يعد ربًا، مع أن الهدية مستحبة؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (تهادَوْا تحابُّوا)([1])، ولكن التحريم جاء مرادفًا للقرض، أما لو أهداه في وقت آخر لا علاقة له بالقرض فهذا مستحب، ومن هذه الأمثلة أيضًا ما لو أقرضه قرضًا، وطلب منه أن يتوسط له في قضية له أو لولده في الحصول على شيء ما، كالوظيفة أو الترقية، فهذا القرض يعد ربًا، و كذا لو أقرضه على أن يتابع ما له من ديون أو ما له من دعاوى وغيرها، فهذا يعد أيضًا ربًا، وربوية هذا القرض قائمة ولو لم يشترط المقرض على المقترض القيام بنشاط معين له.
والأصل في هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( كل قرض جر نفعًا فهو ربا)([2])، أما القرض الحسن الذي أشارت إليه الأخت، فهو القرض الذي لا يرجى منه منفعة مادية، وإنما يرجى منه الأجر للتيسير على الفقير أو المحتاج، أو يراد منه حل مشكلة بين متخاصمين ونحو ذلك مما ينفع المقترض، دون انتظار مكافأة منه للمقرض.
فالحاصل أن كل قرض يجر منفعة أنى كانت هذه المنفعة قليلة أم كثيرة يعد ربًا، فما ذكرته الأخت السائلة يعد ربًا.
والله – تعالى- أعلم.
[1] (الأدب المفرد للبخاري [594]، السنن الكبرى للبيهقي [12297]، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع [3004]).
[2] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم(20690)، ضعفه السيوطي في الجامع الصغير، (٦٣١٨).