سؤال من الأخت” س.م ” من تركيا تقول: أخت تسأل عن حكم الهدايا التي بعثها لها غير مسلم من الخارج وبقيت عند الجمارك هل تقبلها منه أم تردها ولا تستلم؟

هدية غير المسلم للمسلم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فدين الإسلام لا ينكر العلاقة بين المسلم وغير المسلم في حدودها الشرعية والإنسانية ذلكم أن هذه العلاقة تفرض نفسها لأسباب عديدة، كالعلاقة في السفر وفي التجارة والتداوي والقرابة بين مسلم وقريبه غير المسلم، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: ” قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قُلتُ: وهي رَاغِبَةٌ، أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ”([1]).

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخت فيجوز لها قبول الهدية من غير المسلم والشاهد في هذا ما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، قال: أهدى ملك أيلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغلة بيضاء وكساه برداً وكتب إليه ببحرهم – يعني بلدهم([2]) وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس أن أُكيدر دومة الجندل أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- حلة([3])، وقد ثبت عن بعض الصحابة مثل ذلك، روى ابن أبي شيبة أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها قالت: إن لنا أظآراً([4])، من المجوس وأنه يكون لهم العيد فيهدون لنا فقالت أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا ولكن كلوا من أشجارهم([5])، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “بعد ذكر الآثار عن الصحابة فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم”([6]).

فلهذا يجوز لها قبول الهدية من غير المسلم على أن تكون هذه الهدية مشروعة في ذاتها كالأسورة أو الساعات أو الملابس أي أنه لا يجوز قبول الهدايا إذا كان محلها محرما كالخمر أو الصور المخلة الآداب العامة ونحو ذلك مما هو غير مشروع في ذاته.

والله تعالى أعلم.

[1] أخرجه البخاري (2620)، ومسلم (1003).

[2] أخرجه البخاري(1481).

[3] أخرجه البخاري (2616) ومسلم(2469).

[4] الأظآر: جمع ظئر، وهي: المرضعة لغير ولدها، ويطلق على زوجها أيضاً، ولعل المقصود هنا الأقارب من الرضاعة. اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق: د. ناصر العقل ص: 196.

[5] ابن أبي شيبة (8 /87) برقم 4423. وانظر: أحكام أهل الذمة لابن القيم (1 /253).

[6] اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية (2 /52).