سؤال من الأخت س ..م.. من الجزائر، يقول: من فضلكم فضيلة الشيخ عبد الرحمن النفيسة، هل عدم ارتداء النقاب فيه إثم، مع العلم أني في الثانية والأربعين من عمري، وغير متزوجة؟

ارتداء النقاب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن الأخت تسأل عما إذا كان عدم ارتداء النقاب فيه إثم، وقد سبق القول أن النقاب جزء من الحجاب، وأن ستر الوجه من عدمه محل خلاف بين العلماء، فمنهم من يقول بوجوبه على أساس أن الوجه زينة، ويستدل على هذا الوجوب بقول الله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ)(النور:31).

وقد تباينت آراء الفقهاء حول (الزينة) فمنهم من يرى أن ظاهر الزينة الثياب، ومنهم من يرى الزينة في الوجه،  ومنهم من يراها في مواد التجميل، كالخضاب والكحل وغيره، وفي مذهب الإمام أبي حنيفة المراد بالزينة الوجه والكفان، ولكن ليسا بعورة؛ لأن المرأة تصلي مكشوفة الوجه والكفين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما،  كما عليها ستر ما هو عورة([1]). وفي مذهب الإمام مالك لا يجوز النظر إلى شيء من بدن المرأة إلا الوجه والكفين، من المرأة المتجالة وهي العجوز الفانية، الّتي لا أرب للرّجال فيها، أما الشابة فلا ينظر إليها أصلا إلا للضرورة([2]).

وفي مذهب الإمام الشافعي: جميع بدن المرأة عورة إلا الوجه والكفين([3]).

وفي مذهب الإمام أحمد قول بجواز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية  بغير شهوة، كما يجوز  النظر إليها إذا كان لخطبة أو شهادة ، أما في ظاهر المذهب فلا يجوز النظر إليها من غير سبب، فإن كل شيء منها  عورة([4]).

فعلى هذا ليس على الأخت في السؤال إثم -إن شاء الله- إذا كشفت عن وجهها لحاجتها وضروراتها؛ لأن المسألة محل خلاف، وإن المهم هو أن تخفي المرأة زينتها في اللباس وفي مظهرها العام، مما يلفت نظر الرجال الأجانب إليها.

والله -تعالى- أعلم.

[1] ينظر: أحكام القرآن للجصاص ج3 ص 315-316، والبحر الرائق ج1 ص 284، والدر المختار ج1ص 406.

[2] ينظر: الجامع لأحكام القرآن ج12ص  230-231، وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس ج3 ص 548.

[3] المجموع شرح المهذب للنووي ج3 ص 167، والحاوي الكبير للماوردي ج2 ص 218، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص 274.

[4] المغني والشرح الكبير لابني قدامة ج7 ص375، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي ج3 ص 4-5، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج22 ص 109- 110.