سؤال من الأخت س. م. من الجزائر، يقول: خاتم الخطبة، أهو حق للمخطوبة أم يجب إعادته للخاطب عند فسخ الخطبة؟

ما يهديه الخاطب لمخطوبته

      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فالخطبة مقدمة للزواج ووعد به، فيجوز للخاطب والمخطوبة التراجع عن إتمام الزواج؛ لما يعتقده أي منهما أن في ذلك مصلحة له، و( الوعد) ليس عقدًا وليس فيه التزام، وكونه بهذه الصفة لا يترتب عليه أحكام أو حقوق، فأكثر ما فيه أنه التزام خلقي فإخلافه إخلال بهذا الالتزام، والأصل في هذا الإخلال قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)([1]). وكان السلف -رحمهم الله- يحرصون أشد الحرص على  الوفاء بوعودهم؛ خشية أن يكون في أخلافهم لها من صفات النفاق، فلما حضرت عبد الله ابن عمر- رضي الله عنهما- الوفاة قال: إنّ فلانًا خطب إليّ ابنتي, وإني كنت قلت له فيها قولًا شبيهًا بالعِدَة, والله لا ألقى الله بثُلُث النفاق، وأشهدكم أني قد زوَّجته)([2]).

 ومع توصيف إخلاف الوعد بهذه الصفة إلا أن وضع المخلف له قد تقتضيه الضرورة، رغم أنه لا يريده .

  وقد ينشأ عن التراجع عن الخطبة اشكالات ليست في حكم الحقوق التي قد تترتب على المخلف للوعد، ومن ذلك ما يفعله الخاطب من تقديم بعض الهدايا لمخطوبته، وعما إذا كان يحق له طلب إعادتها.

وعلى هذا إن كان يعتقد أنها مهر لزوجته وهي كذلك فيحق له استرداد هذا المهر ؛ لأن الزواج لم يتم فلا حق للمخطوبة فيه، أما إن كانت الهدية من الأشياء اليسيرة، كخاتم الخطوبة المتعارف عليه فهذه الهدية لا ترد لبساطة قيمتها، وأما إن كانت أشياء ثمينة، وسماها هدية فالأصل أنه لا يجوز طلب رد الهدية، والأصل فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)([3]).

 وينبني على ما ذكر، وجوابًا عن سؤال الأخت، فإن خاتم الخطوبة المجرد لا يرد . والله  – تعالى- أعلم .

[1] – أخرجه البخاري برقم (33).

[2] – تفسير الطبري ج14/378.

[3] – أخرجه البخاري برقم (2589).