الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ السِّحر معلومٌ منذ القِدَم؛ لأنَّه من أفعال الشَّياطين، وهؤلاء يعملون على كلِّ ما يُؤْذِي الإنسان، سواء في نَفْسِهِ أو في أهله، فيُفَرِّقون بينه وبين زوجه، وفي هذا قال الله -عزَّ وجلَّ-: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102].
والسَّحَرَة يَفْعَلون كلَّ ما تَطْلُبه الشَّياطينُ منهم من العَبَثِ والأَذَى؛ مما يُوْجِبُ الاستعاذة بالله منهم، وهو قولُ اللهِ -عزَّ وجلَّ- لنبيِّه ورسولِه محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ولأُمَّتِه في قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 97-98]، وقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 1-4].
وعلى المسلم أن يَجْتَنِبَ السَّحَرةَ وأفعالَهم، وما تُمْلِيه الشَّياطينُ عليهم من الضَّلال والتعرُّض للمؤمنين، فكلَّما كان العبد أقرب إلى ربِّه كان أبعد منهم، فلا يستطيعون ضَرَّه أو التعرُّض له في أي شأنٍ من شؤون حياته، فمَن استعاذ بالله منهم كفاه شرَّهم، وفي هذا قال –عزَّ وجلَّ-: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]. والله -تعالى- أعلم.