سؤال من الأخت سوسن من سورية، تقول: شخص يبلغ من العمر ٨٢ سنة وحالته الصحية ليست على مايرام، ويقيم في دولة أجنبية لا يستطيع أداء الحج، في هذه الحالة هل يجوز أن ينوب عنه شخص آخر، وتكون التكلفة والمصاريف كلها على هذا الشخص المسن المغترب؟

إنابة المريض العاجز غيرة بالحج عنه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن الأصل في وجوب الحج الاستطاعة؛ لقول الله -عز وجل-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران:97]، الاستطاعة هنا لمن يكون عنده زاد يكفيه لأداء الحج، ويكون له ناقلة تنقله إلى مكة المكرمة، فإن لم يكن له هذا الزاد وهذه الناقلة فلا يجب عليه الحج، وكذا من لا يقدر على الحج لمرض، أو كبر أو نحو ذلك مما هو محل السؤال، فمن كانت هذه حالته فلا يجب عليه الحج.

أما إذا أراد الراغب في الحج أن ينيب عنه في أداء الحج من ولد أو قريب أو صديق أو أجير فلا بأس من ذلك؛ لما روي أن امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ جَاءَتِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ، فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ([1]).

ولما روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ جاءَتْ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حتَّى ماتَتْ؛ أفَأَحُجُّ عَنْها؟ قالَ: (نَعَمْ حُجِّي عَنْها؛ أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ؛ فاللَّهُ أحَقُّ بالوَفاءِ)([2]).

فعلى هذا؛ إذا كان المذكور في السؤال لا يستطيع الحج؛ لمرضه أو كبر سنه فلا حج عليه، ويمكن الحج عنه بالنيابة.

والله تعالى أعلم.

 

[1] أخرجه البخاري (1854) واللفظ له، ومسلم (1334).

[2] أخرجه البخاري برقم(1852).