الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد :
فقد بين الله لعباده أوقات الصلوات في كتابه الكريم، كما بينها رسوله الأمين. أما الكتاب فقوله -عز ذكره -: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )(النساء:103)، والموقوت هنا المفروض فرضًا أبديًّا لا يتغير ولا يتحول، فقال لنبيه ورسوله وأمته: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )(الإسراء:78)، وقال : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ)(طه:130).
كما بين أوقات الصلاة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-فيما رواه جرير بن عبد الله البجلي، قال : (كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنظر إلى القمر ليلة – يعني البدر – فقال: «إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} (ق: 39))([1]). والمراد صلاة الفجر. ولم يترك رسول الله عليه الصلاة لبسًا في توقيت الصلاة، فقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان)([2]).
والأخت تقول في السؤال: إن الشخص يجمع صلاة اليوم الكامل بحجة العمل في الإدارة، أي أنه كما هو ظاهر السؤال يصلي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بعد خروجه من العمل، فإذا كان هذا هو حال المذكور فقد خالف بعمله هذا ما جاء في كتاب الله، وفي سنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلكل من الصلاة وقت مفروض كما ذكر، فلا يجوز بأي حال تجاوز هذا الوقت، إلا بعذر شرعي، ومن فعل خلاف ذلك فقد تعدى حدود الله، وفي هذا قال-جل وعلا-: ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)(الطلاق:1) .
نعم،المصلي قد يؤخر صلاة الظهر أو العصر؛ بسبب المرض أو العجز أو الخوف ونحو ذلك من الأعذار الشرعية، أما أن يؤخر كل الصلاة ويصليها كلها في وقت واحد فعليه أن يتوب إلى الله، ويؤدي كل صلاة في وقتها كما فرضه الله. ونسأل الله -عز وجل- أن يتوب على كل تائب، وأن يغفر لكل مستغفر من عباده. إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد، و آله وصحابته أجمعين .
[1] – أخرجه البخاري برقم (554).
[2] – أخرجه مسلم برقم (612).