الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل في اللقطة تعريفها، ففي حديث زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه- جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:( اعْرِفْ عِفَاصَهَا ووِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وإلَّا فَشَأْنَكَ بهَا)([1])،كما سئل -عليه الصلاة والسلام- عن اللقطة، ففي حديث أبي بن كعب- رضي الله عنه- قال: أخَذْتُ صُرَّةً مِئَةَ دِينَارٍ، فأتَيْتُ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: (عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، فَلَمْ أجِدْ مَن يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أتَيْتُهُ، فَقالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أجِدْ، ثُمَّ أتَيْتُهُ ثَلَاثًا، فَقالَ: احْفَظْ وِعَاءَهَا وعَدَدَهَا ووِكَاءَهَا، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وإلَّا فَاسْتَمْتِعْ بهَا)([2]).
وتستثنى من ذلك الأشياء الساقطة أو الحقيرة فلا يعرف بها؛ لأنه لا يتصور أن صاحبه يتطلع إليها، مثل الحبل والسوط ونحوه، فهذا ينتفع به لاقطه.
وفي سؤال الأخت أنه مضى على التقاط ابنتها الخاتم مدة طويلة، فإن كان ثمينًا فيتم التعريف به مدة سنة، أما إن كان غير ذلك فيجوز الانتفاع به، أما كون التعريف به لم يتم في وقته فهذا مما يتجاوز الله عنه؛ لقوله:( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْۚوَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)(الأحزاب:5)، وقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)([3]).
[1] أخرجه البخاري (2372).
[2] أخرجه البخاري (2437).
[3] أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (7219).