سؤال من الأخت سارة . . من الجزائر، تقول: ما حكم إعطاء الأقارب الفقراء من المال الزائد الذي تضيفه البنوك في الحساب الجاري لعملائها؟

الصدقة على الأقارب من فوائد البنوك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن الفوائد التي تضعها البنوك في الحسابات الجارية للعملاء، فوائد ربوية، والربا مما حرمه الله على عباده في قوله -جل في علاه-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، [البقرة:275]، وقوله -تعالى-: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، [البقرة:276]، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، [البقرة:278-279]، وأيًّا كان مسمى الربا ومصادره فهو غير طيب في ذاته، وغير طيب في التعامل به، والأصل أن على الإنسان ألا يأكل إلا طيبًا في ذاته؛ لقول الله -جل في علاه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، [البقرة:172]، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، [المؤمنون:50]، وقوله -عز ذكره-: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، [الأعراف:157].

والأخت في السؤال تسأل عما إذا كان يجوز صرف الفوائد التي تضاف إلى حساب عملاء البنوك إلى الأقارب؟ والجواب: أنه إذا عرفنا حكم الربا وعرفنا ما يجب على الإنسان من أكل الطيبات واجتناب الخبائث لرأينا عدم جواز التصدق على الأقارب من هذا المال، فطالما أن الإنسان يأباه لنفسه فلا يجب أن يتصدق به على غيره؛ لأن الله -عز وجل- قال: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، [آل عمران:92].

وهذا المال لا يترك للبنوك، فيجوز إعطاؤه للجهات ذات النفع العام، كالطرق والمستشفيات، وما يكون فيه نفع عام للناس؛ وذلك أن إنفاقه في هذه الجهات العامة يطهره؛ لكونه أصبح من مصلحة العامة ومنفعتها.

والله –تعالى- أعلم.