سؤال من الأخت ز.ي.ب من الجزائر، تقول: ما حكم التلفظ بالنية في الصلاة ؟

التلفظ بالنية في الصلاة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :

 فالأصل أن الإنسان يعقد بقلبه كل أمر أو فعل يريده، فإذا قام في الصباح يبحث عن رزقه يعقد في قلبه ما يريده، فلا يحتاج  أن يتلفظ بما يعمله فيقول: نويت أعمل كذا؛ لأن عقله منصرف إلى القيام بما يريد عمله .

   هذا هو المعلوم في كل أمر، وهو في الصلاة أولى، فالأصل وجود النية في الصلاة، والعبد حين يتوضأ للصلاة فقد عقد النية بقلبه على أنه سيتوجه للصلاة، وهذا العقد يجب أن يكون دون لفظ، وإلا أصبح على العبد أن يتلفظ بالنية في كل خطوة  يخطوها للصلاة، وهذا غير مشروع  أصلًا . وقد قال بعض العلماء من المتأخرين بجواز التلفظ بالنية، فذهب الحنفية في المختار([1]) والشافعية([2]) والحنابلة في المذهب([3]) إلى أن التلفظ بالنية في العبادات سنة؛ ليوافق اللسان القلب، وذهب بعض الحنفية([4]) وبعض الحنابلة([5]) إلى أن التلفظ بالنية مكروه، وقال المالكية بجواز التلفظ بالنية في العبادات، والأولى تركه، إلا الموسوس فيستحب له التلفظ؛ ليذهب عنه اللبس([6]

قلت : ولم يعهد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  ولا صحابته  ولا تابعيه القول بجواز التلفظ بالنية في الصلاة، ولو كان هذا جائزًا أو مشروعًا أو مستحبًّا لبينوه؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- بلّغ ما أوحي إليه، فلو كان هذا اللفظ مشروعًا لبلّغه لأمته، كما أشهد على تبليغه لها في حجة الوداع،  فيكون التلفظ بالنية من المحدثات، بل هو من البدع التي قال فيها  رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  : (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)([7]). وقوله -عليه الصلاة والسلام-  : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد)([8]).

  هذا في عموم  المسألة، أما عن سؤال الأخت فالجواب أنه لا يجوز التلفظ بالنية في الصلاة، بل يعقدها العبد بقلبه والعبرة ليست فيما يفعله بعض الناس إما جهلًا أو اتباعًا لمن لا علم له، وإنما العبرة باتباع ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو صحابته أو الأئمة أو السلف الصالح .

[1] -الأشباه لابن نجيم ص 48.

[2] – مغني المحتاج 1 / 57.

[3] – كشاف القناع 1 / 87.

[4] – الأشباه لابن نجيم ص 48.

[5] – كشاف القناع 1 / 87.

[6] – الشرح الكبير مع الدسوقي 1 / 233 – 234، والشرح الصغير مع الصاوي 1 / 304.

[7] – أخرجه أبوداود برقم (4607).

[8] – أخرجه البخاري برقم (2697).