سؤال من الأخت ز.ل. من الجزائر، يقول: شيخنا، عليّ قضاء الفوائت من الصلاة، وكنت أقضي بعضًا منها لكن لم أتمكن من التوفيق بين الصلوات الحالية والفائتة، فلا أدري أأصلي أولًا الصلاة الفائتة أم الحاضرة؟ -بورك فيكم، وجزاكم الله خيرًا- على أجوبتكم التي تثلج الصدر.

الوقت الذي تصلى فيه الصلاة الفائتة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

   فالأصل في قضاء فوائت الصلاة قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:( إنَّه ليس في النَّومِ تَفريطٌ إنَّما التفريطُ على مَن لَم يُصَلِّ الصلاةَ حتى يَجيءَ وقتُ الأُخرى، فمَن فعَل ذلك فلْيُصَلِّها حينَ يَتَنَبَّهُ لها، فإذا كان الغَدُ فلْيُصَلِّها عِندَ وقتِها)([1])، هذا هو الأصل في قضاء الفوائت، فمن تركها لنسيان أو نوم فيصليها بعد نومه وذكره لها، وهذا ربما لا إشكال فيه؛ لأن تركها ربما يكون لمدة قليلة. أما إذا تركها تهاونًا أو عمدًا فجمهور العلماء على أن من تركها عمدًا يأثم ويجب عليه القضاء ([2])، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يشرع لتارك الصلاة عمدًا القضاء، ولا تصح منه، بل عليه الإكثار من التطوع والاستغفار ([3])، وعند الإمام أبي حنيفة ومالك يقضي من تعمد ترك صلاة أو صلوات فليصلها قبل التي حضر وقتها، إن كان الذي تعمد تركها خمس صلوات فأقل، سواء خرج وقت الحاضرة أم لم يخرج، فإن كان أكثر من خمس صلوات فيبدأ بالحاضرة ([4]).

فالحاصل أنه إذا كان ما فات الأخت في السؤال خمس صلوات أو عشر صلوات مثلًا فتقضيها (قبل) الصلاة الحاضرة؛ حتى لا يفوت وقت هذه، ثم تصلي الحاضرة. أما إن كان الفائت عليها من الصلاة كثير مما يشق عليها لكثرتها فلا تقضيه، بل تحرص على الصلاة الحاضرة، وتكثر من الاستغفار، فقد رفع الله المشقة والحرج عن عباده في قوله -تقدس اسمه-:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج:78).

والله – تعالى- أعلم.

[1] أخرجه مسلم (681) مطولاً، وأبو داود (441)، والترمذي (177)، والنسائي (615)، وابن ماجه (698) باختلاف يسير.

[2] ينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/86)،و ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/67)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/327)،و ((المجموع)) للنووي (3/71)، و ((الإنصاف)) للمرداوي (1/312).

[3] ((الفتاوى الكبرى)) (5/320).

[4] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/186)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/65،68)، و  ((الشرح الكبير)) للدردير (1/266)، وينظر: ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/414).