الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالسحر من أشد الفساد في الأرض، فهو كفر وشرك، ولا يفعله إلا من فسدت عقيدته، وفي السحر قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102]، وقال -عز ذكره-: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: 69]، وقال -تقدس اسمه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 81]، فسماه الله فسادًا، وبيَّن جزاء المفسدين في قوله -جل في علاه-: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، فيستدل من هذا على عقوبة الساحر بالقتل؛ لكونه مفسدًا في الأرض وتتحدد عقوبته وفق نص الآية إلا إذا تاب من فعله.
فاقتضى حكم الآية قتل الساحر لفساده، سواء كان فردًا أو جماعة، فقد قال أبو الشعثاء: “جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحر”، قال أبو الشعثاء: “فقتلنا في يوم ثلاث سواحر”([1]).
هذا هو الحكم الشرعي جوابًا عن سؤال الأخت، فالواجب يقتضي أن من يؤذي إنسانًا، سواء كان هذا الإيذاء بسحر أو نحوه – يجب عقابه بالعقوبة المقدرة لفعله؛ لأن خلاف ذلك يؤدي إلى فساد الأرض وفساد الحياة بأنواعها.
([1]) أخرجه أبو داود، كتاب: الخراج والفيء والإمارة، باب: في أحد الجزية من المجوس، برقم: (3043)، (4/650)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم: (2684)، (8/373).