الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن السحر من الموبقات المهلكات؛ لما فيه من الكفر والإضرار بالإنسان، وإفساد حياته عليه، بأقوال وأفعال شيطانية بعيدة عن القيم والأخلاق الطبيعية للإنسان، فهو في كل الأحوال فعل شيطاني أساسه الكفر والضلال في مختلف الصور، وقد بيّن الله لعباده كُفْرَ فاعله وصانعه، قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ (البقرة: 102)، وقال -تعالى-: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ﴾ (طه:69).
وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن السحر موبق ومهلك، وحذر منه بقوله: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟، قال: «الشرك بالله، والسحر»([1]).
وقد تستغل شياطين الجن والإنس ضعف بعض الناس، فيزينون له هذا الكفر وما فيه هلاكه، حين يتحول إلى مسلوب في إرادته، فيركع ويسجد لأوليائه من الشياطين، ومن المؤسف حقًّا أن هذا الفعل يندس بسهولة إلى البسطاء من العامة، حين يزين لهم هؤلاء الشفاء إذا كانوا مرضى، ويزينون للمرأة البسيطة أن حب زوجها لها إذا اتبعت ما تؤمر من الكفر والشرك، في صورة طلاسم يضلونها بها، وهكذا يتبع هؤلاء البسطاء الشياطين دون أن يشعروا بما هم فيه من الفساد وعصيان الله.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عن عقوبة الساحر فالساحر يعد كافرًا، فإذا تاب توبة نصوحًا من فعله فأمره إلى الله، أما إن لم يتب عن كفره فعقوبته القتل، والأصل فيه أثر جندب بن جنادة -رضي الله عنه- قال: “حد الساحر ضربة بالسيف”([2]).
وعلى هؤلاء الذين يتبعون الشياطين فيما يلقونه من الكفر أن يتوبوا إلى الله قبل أن يفاجئهم الأجل، وحينئذ لا تنفعهم توبة كما قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ (النساء:18).
نسأل الله -عز وجل- أن يهدي الضال من المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله -تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه البخاري برقم : (2766).
([2]) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه برقم (18752)، وانظر: الاستذكار لابن عبد البر 7/163، ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، (١٤٤٦).