سؤال من الأخت ر.م. من الجزائر، يقول: ما حكم صلاة الفجر وقت الشروق؟

صلاة الفجر بعد شروق الشمس

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فوقت صلاة الفجر في أول الوقت، وهو ما يسمى الفجر الصادق، أي صلاتها بغلس، و(الغلس)([1]) لما رواه أبو مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلى الصبح مرة بغلس، ثمَّ صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثمَّ كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتَّى مات، ولم يعد إلى أن يسفر([2])، وعن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- قالت: كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مع رَسولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – صَلَاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إلى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ، لا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الغَلَسِ([3]).

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الأفضل تعجيل صلاة الفجر في وقتها، إذا تحقق طلوع الفجر وهو بغلس ،وهذا هو قول المالكية([4]) والشافعية([5]) والحنابلة([6]) والظاهرية)([7])، وهو أيضًا قول طائفة من التابعين والسلف([8]).

وعند الأحناف أن صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ([9]).

هذا في العموم في صلاة الصبح، أما سؤال الأخت، فالجواب عنه أن صلاة الصبح من طلوع الفجر بعد التحقق من هذا الطلوع، وأن يكون ذلك في غلس أي ظلمة، فينبني على هذا عدم تأخير هذه الصلاة إلى طلوع الشمس، وهذا ما فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسار عليه المسلمون.

   فالحاصل أنه لا يجوز تأخير صلاة الصبح إلى طلوع الشمس؛ لما في ذلك من التهاون والغفلة عن هذه االفريضة؛ لما في التبكير إليها من الفضل؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله  -عز وجل- ؟ فقال : ( الصلاة على وقتها ) ([10])، ولحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، ولو يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا”([11]).

 

[1] والغلس والتَّغليس: أداءُ صلاةِ الفَجْرِ في الغَلَس، والغَلَسُ: ظلامُ آخِر الليل، والغلس ليس بظلمة وليس بنور ولكنه في حين يكون هنالك خليط من الظلمة والنور. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/156)، ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (1/401).

[2] صحيح سنن أبي داود للألباني (394).

[3] أخرجه البخاري (578)، ومسلم (645).

[4] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/244)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/180).

[5] ((المجموع)) للنووي (3/51)، وينظر: ((الحاوي)) للماوردي (2/63).

[6]  ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (1/152)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/286)، ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (1/479).

[7] ((المحلى)) (2/214).

[8] ((المجموع)) (3/51).

[9] ((البناية)) للعيني (4/103).

[10] رواه البخاري 527 ومسلم 85.

[11] أخرجه البخاري (2689)، ومسلم (437).