الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالتصوير على نوعين:
الأول: التصوير المجسم أي إنشاء صورة مجسمة لذي روح لتشبيهها للإنسان أو الحيوان، كما هو الحال في التماثيل التي كانت معروفة منذ القدم، وكذا في التماثيل التي نشهدها في العديد من الدول، فهذه الصور أو التماثيل محرمة.
والأصل فيها قول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- -: ((من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ))([1]). وفيه أيضًا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون))([2]).
النوع الثاني من الصور: التصوير باليد أو الآلة أو الرسم، ونحو ذلك مما هو معلوم، فهذا التصوير ليس ملموسًا، بل هو على الورق أو القماش أو نحو ذلك، فهذا لا يدخل في حكم التصوير المجسم، رغم ما فيه من الكراهة، والعلة في جوازه الحاجة إليه في واقع الإنسان اليوم، وما يلزم هذا الواقع من التوثيق في المعاملات، وتنقل الإنسان بين البلدان، وما يستوجب ذلك من الحفظ، فهذا التصوير أو الرسم في حكم الظل وانتفاء التجسيم فهذا لا حرج فيه، إن شاء الله، بحكم ضرورات العصر وأحواله، ولكن هذا مبني على تصوير الأشياء المباحة، أما إذا كان التصوير بالآلة أو الرسم للأشياء المحرمة، فهذا يأخذ حكم التحريم والوعيد جزاء الفعل.
فالحاصل: تحريم التصوير المجسم؛ لما فيه من المضاهاة لخلق الله، وجواز التصوير بالآلة أو الرسم للأشياء المباحة، أما إذا كان التصوير للأشياء المحرمة فيدخل هذا الفعل تحت حكم التحريم.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه البخاري، كتاب: اللباس، باب: من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ، برقم: (5963)، (7/169)، ومسلم، كتاب: اللباس والزينة، برقم: (2110)، (6/162).
([2]) أخرجه البخاري، كتاب: اللباس، باب: عذاب المصورين يوم القيامة، برقم: (5950)، (7/167)، ومسلم، كتاب: اللباس والزينة، برقم: (2109)، (6/161).