الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل ألا يتناول العبد إلا ما أحله الله؛ عملًا بقوله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (البقرة:172)، وقوله -عز ذكره-: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ (المؤمنون:51)، فاقتضى هذا أنه لا يجوز للعبد أن يُدخل في جوفه إلا ما هو طيب في ذاته، فكل شيء غير طيب يعد خبيثًا، وقد حرم الله الخبائث بقوله -عز وجل-: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (الأعراف:175)، وقوله تعالى: ﴿قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ (المائدة: 100).
والأدوية مثلها مثل غيرها من الأطعمة، فيها الطيب، ومنها المحظور؛ لاحتوائها على مخدرات ونحوها لمعالجة بعض الأمراض أو تسكينها؛ تخفيفًا على المريض من آلامه، والأصل عدم جواز تناول هذه الأدوية؛ لما تحتوي عليه من المحظور، ولكن إذا شهد طبيب عدل أن المريض يحتاج إلى تناول شيء من هذه الأدوية لعلاجه، أو للتخفيف من آلامه، فلا بأس من ذلك إن شاء الله، بحسبها من الضرورة، فقد أباح -عز وجل-الأكل من غير الطيبات، كلحم الميتة والدم ولحم الخنزير؛ للضرورة، ولحفظ النفس؛ كما قال -عز وجل-: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (البقرة:173).
فالحاصل: أنه لا يجوز تناول الأدوية المشوبة بشيء من المحظور إلا للضرورة؛ للحفاظ على النفس، وأن يكون ذلك بشهادة طبيب عدل. والله – تعالى- أعلم.