سؤال من الأخت ” ر.س” من الجزائر، تقول الأخت: هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من الذهاب إلى مدرسة تحفيظ القرآن الكريم في مسجد الحي؟ علمًا بأن الزوجة لها أوقات فراغ ترغب في حفظ بعض السور، وتعلّم أحكام التجويد من معلمات متخصصات؟

منع الزوج لزوجته من الذهاب إلى مدرسة تحفيظ القرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد: 

فالقرآن الكريم كلام الله ورسالته إلى خلقه من الثقلين الجن والإنس، أنزله الله هدى ورحمة للعالمين، ودليلًا لهم إلى الصراط المستقيم، كما جعله لهم نورًا يستضيئون بضيائه، ويسيرون على هديه، كما جعله شفاء لقلوبهم وأمراضهم. والآيات في هذا كثيرة، منها قوله -جل في علاه-: ” ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ”(البقرة:2) وقال -عز ذكره-: ” قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ”(فصلت:44)، وقال -تقدس اسمه-: ” إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا “(الإسراء:9). وقد عظم الله هذا القرآن بقوله -عز ذكره-: “لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ “(الحشر:21)، وفضائل القرآن وعظمته وعظمة من أنزله أكثر من أن تعد أو تحصى، وقد أكد ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله فيما رواه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: ” خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ “([1]) وقوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: ”  إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ، قالوا : من هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال: أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ”([2])، وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ” منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها. لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”([3]).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عن رغبتها الذهاب إلى المدرسة لتحفظ شيئًا من القرآن فهذا حقها؛ فالمسلم  والمسلمة يريدان هذا الخير الذي بينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفظ القرآن، فحين تريد فالخير كل الخير في تعلم القرآن، فالواجب على زوجها ألا يحرمها من هذا الخير،فهو شريك لها في الأجر.  ولعله يعلم أن من حسن المعاشرة السماح لزوجته أن تحفظ القرآن الكريم؛ لأن هذا جزء من دينها، ولعل الزوجة تعلم بحكم المعاشرة ألا تخل بحق من حقوق زوجها، فإذا قامت بما يجب عليها نحو  زوجها، وأن لديها – كما قالت – فراغًا ووقتًا زائدًا عن واجباتها فلا يجوز لزوجها منعها من الذهاب إلى المدرسة لحفظ القرآن الكريم.

والله -تعالى- أعلم.

[1] رواه البخاري(5027).

[2] صحيح ابن ماجة للألباني (صحيح ابن ماجه).

[3] أخرجه الترمذي (2910) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (6/263)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (1983) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم(2910).