الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالعيد في اللغة ما يعتاد؛ لأنه يعود ويتكرر كل سنة بفرح مجدد([1]) ولكل أمة عيد حسب عقيدتها وأعرافها وتقاليدها، أما المسلمون فلهم عيدان دينيان اثنان، هما: عيد الفطر، وهو: أوَّلُ يومٍ من شوَّال، وعيد الأضحى، وهو: اليومُ العاشرُ من ذي الحجَّة، كما رواه أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عنه-، قال: قدِم النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المدينةَ ولهم يومانِ يَلعَبونَ فيهما، فقال: “قدْ أبْدَلكم اللهُ –تعالى- بهما خيرًا منهما؛ يومَ الفِطرِ والأضحى”.([2]) و على هذا لا يجوز تجاوزهما بعيد آخر أيًّا كانت تسميته.
وعيد الأم الذي أشارت إليه الأخت السائلة لا يسمى عيدًا في عقيدتنا، فهو مناسبة لأمر ما، ويعد من المستحدثات والمبتدعات عند بعض الأمم، وقد انتشرت هذه التسمية بفعل التقليد المجرد فلا يجوز إطلاق هذا الاسم على ما قد يكون لنا من مناسبات فهذه المناسبات لا حرج فيها إذا كانت مشروعة، فالاحتفاء بالأم بما يعني استذكارها وبرها والإحسان إليها، والصدقة عنها والدعاء لها وشكرها على تربية أولادها، ومعاشرتها الحسنة لزوجها، وإكرام صديقاتها ونحو ذلك من إظهار محبة للأم، فهذا لا حرج فيه -إن شاء الله- فإذا قدم أولادها هدية لها في أي وقت فلا حرج إن شاء الله؛ لأن الهدية بين الأم وبناتها أو أولادها من أنواع البر.
أما تسمية هذا بالعيد فلا يجوز؛ لأنه ليس في الإسلام إلا عيدان.
والله -تعالى- أعلم .
[1] قال الخطيبُ الشربينيُّ: (العيد مشتقٌّ من العوْد؛ لتكرُّره كلَّ عام، وقيل: لكثرة عوائد الله -تعالى- فيه على عباده، وقيل: لعوْد السرور بعوْده) ((مغني المحتاج)) (1/310)، ويُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (2/515)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/436)، ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 40)، ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية (1/496).
[2] رواه أبو داود (1134)، والنسائي (3/179)، وأحمد (3/250) (13647) صحَّح إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/819)، وقال ابنُ تيميَّة في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/485): إسنادُه على شرط مسلم. وصحَّح إسناده ابنُ الملقن في ((شرح البخاري)) (8/52)، وابنُ حجر في ((فتح الباري)) (2/513)، والصنعانيُّ في ((العدة على الإحكام)) (2/540)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1134).