الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فخلاصة السؤال أن إنسانًا موظفًا يتغيب عن عمله لإجراء امتحان الجامعة، ويضع شهادة طبية تدل على أنه مريض وهو على غير ذلك، والسبب أنه يريد التوفيق بين عمله وامتحان الجامعة.
والجواب عن هذا من وجهين: الوجه الأول: أن الأصل في المسلم أن يكون صادقًا مع الله – تعالى- ومع عباده في قوله وفعله وسلوكه، فالصدق يهدي إلى البر، فمن يتحرى الصدق قولًا وعملًا يكتب عند الله صديقًا، والعكس بالعكس؛ كما قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالصدق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه.
الوجه الثاني: أن الحاجة لا تبرر الخطأ. صحيح أن هذا الإنسان في السؤال مضطر إلى رزقه فيعمل من الصباح ومضطر إلى أن يتعلم ليزداد علمه ويزداد رزقه، ولكن هذا الاضطرار لا يبرر الخطأ، وكان على رئيسه أن يأذن له لإجراء الامتحان حتى لا يضطر إلى ما فعله من عذر غير صحيح؛ فالرئيس -ومن في حكمه- يستطيع أن يساعد مرؤوسيه في حوائجهم، والموظف هذا خشي من فوات الامتحان فارتكب الخطأ.
هنالك عاملون في بعض بلاد المسلمين يعملون مثل هذا العمل؛ لكسب رزقهم وسد حاجاتهم، وفي الوقت نفسه يدرسون في الجامعات والمعاهد، فيحققون بذلك حاجتهم لرزقهم وحاجتهم للعلم، وتنص الأنظمة في هذه البلدان على حق هؤلاء في إجازة للامتحان مدة خمسة عشر يومًا، وقد تستقطع هذه الإجازة من إجازاتهم العادية، أو حتى تكون منحة لهم؛ لتشجيعهم على تلقي العلم.
وحاصل القول: إن هذا الفعل لا يجوز؛ لمنافاته للصدق، وعلى الفاعل أن يستغفر الله، قال -عز وجل-: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: ١١٠].
والله -تعالى- أعلم.