الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الشيطان عدو للإنسان منذ أن أغوى إبليس آدم -عليه السلام- وأنزل بسبب ذلك إلى الدنيا، وقد بين الله لعباده أن إبليس عدو لهم إلى يوم الدين، وأن عليهم أن يتخذوه عدوًّا لهم، فقال- -عز ذكره–: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)(فاطر:6)، وقال : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)(يس:60)، وقال – جل في علاه-: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)(فاطر:6).
وعداوة الشيطان للعبد تتفرع وتتنوع، ومنها الوسوسة في الصدر، وخاصة في أثناء العبادة التي يناجي العبد فيها ربه، من صلاة وغيرها، وغاية الشيطان من ذلك إضلال العبد وإفساد عبادته؛ تحقيقًا للوعد الذي وعده فيما حكاه الله -عز وجل- عنه بقوله: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ)(النساء:119)، ولا يسلم أحد من وسوسة الشيطان، فالصحابة- رضوان الله عليهم- تعرضوا مثل غيرهم لهذه الوسوسة؛ كما قالوا : يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: (ذاك صريح الإيمان). وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: (الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة)([1]).
وعلى الأخت في السؤال أن تكثر من ذكر الله؛ ففي هذا الذكر اطمئنان للقلب ومحاربة للشيطان، وفي هذا قال الله -عز وجل-: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28)،وأثنى الله -عز ذكره- على الذاكرين والذاكرات بقوله: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب:35)، فالذكر وقراءة آخر سورة البقرة وآخر سورة آل عمران وسورة الإخلاص والمعوذتين حرز من الشيطان، فهو يفر من اسم الله وذكره وتعظيمه، فقد روى أبو المليح عن رجل من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:” كنتُ رديفَ النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – فعثُرتْ دابَّةٌ فقلتُ تعِسَ الشَّيطانُ فقالَ لا تقُل تعِسَ الشَّيطانُ فإنَّكَ إذا قلتَ ذلكَ تعاظَمَ حتَّى يكونَ مثلَ البيتِ [ ويقولُ بقوَّتي] ولكن قل بسمِ اللَّهِ فإنَّكَ إذا قلتَ ذلكَ تصاغَرَ حتَّى يكونَ مثلَ الذُّبابِ”([2]).
فعلى الأخت في السؤال أن تكثر من ذكر الله، وصلاتها وصيامها وعباداتها صحيحة إن شاء الله، فإذا تعرض لها الشيطان بوسوسته وغمزه ونفخه ونفثه فلتستعذ بالله منه، قال الله -عز وجل-: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا)(الأعراف:20). أي تذكروا قدرة الله وعظمته ودحره للشيطان، وقال: (إِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(الأعراف:200).
[1] أخرجه مسلم برقم (132)، وأبو داود برقم (5111).
[2] صحيح سنن أبي داود رقم الحديث (4982).