سؤال من الأخت روان ..من الأردن، يقول: زوج أختي يترك أختي عندنا لمدة ثلاثة أشهر وأحيانا أربعة أشهر، من دون الإنفاق عليها أو العشرة الطيبة معها، ولما تركها هذه المدة هل هي تحرم عليه؟ و ما الحل الشرعي برأيكم؟

من يترك زوجته وأولاده بلا نفقة

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

  فمن المعلوم حكمًا وعقلًا أن الوالد يتحمل نفقات زوجته وولده، من طعام وشراب وكساء وسكن. وهذه سنة الله في عباده، وفي هذا قال -عز وجل- : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة:233)، وقال -عز ذكره-: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا)(الطلاق:7)، هذا في كتاب الله، أما في سنة رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – فإنَّ هندَ بنتَ عُتبةَ قالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رجُلٌ شَحيحٌ، وليس يُعطي ما يكفيني وولدي إلَّا ما أخذتُ منه وهو لا يعلَمُ. فقال: (خُذي ما يكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ)([1]) وقوله -عليه الصلاة والسلام-:( أفضَلُ الصَّدَقةِ ما تَرَك غِنًى، واليَدُ العُليا خَيرٌ مِن اليَدِ السُّفلى، وابدَأْ بمن تعولُ؛ تقولُ المرأةُ: إمَّا أن تُطعِمَني وإمَّا أن تُطَلِّقَني. ويقولُ العبدُ: أطعِمْني واستَعمِلْني. ويقولُ الابنُ: أطعِمْني، إلى مَن تَدَعُني )([2]).فدل هذا حكمًا على أن  على الوالد أن ينفق على ولده حسب قدرته كما في الآيتين أي حسب غناه وفقره، وهو عقلًا  مطالب بما عليه من حقوق أن يعمل ويفعل كل ما يستطيع لأداء هذه الحقوق،  وهو مفاد قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:( لأنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ على ظهْرِهِ فيأتي بحزمةٍ منَ الحطبِ فيبيعُها فيكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ خيرٌ مِنْ أنْ يسألَ الناسَ أعطوْهُ أوْ منعوهُ)([3]).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عما إذا كانت زوجة المشار إليه في السؤال تحرم عليه فلا، فتظل زوجته إلى أن يطلقها، ولكن لها الحق أن تقيم عليه الدعوى للإنفاق عليها مادامت في عصمته، والإنفاق كذلك على أولاده، ففي هذه الحالة ينبغي الرجوع إلى المحكمة للفصل في ذلك.

والله – تعالى- أعلم.

[1]  أخرجه البخاري (5355).

[2] أخرجه البخاري (5355).

[3] رواه البخاري(1470).