الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر سؤال الأخت أنها تعاني من ألم في ركبتها وتصلي على كرسي، وتسأل عن صحة صلاتها.
والجواب أن الله -عز وجل- أعذر عباده عما لا يقدرون عليه، وجعل مناط التقوى الاستطاعة، وقد رفع عنهم الحرج فيما يعجزون عنه، فقال -تقدس اسمه-: “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ”(التغابن:16) وقال : ” لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ”(النور:61) وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام للمريض فيما رواه عمران بن الحصين -رضي الله عنه-: ” صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ”([1]) وفي رواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- عاد مريضًا فرآهُ يصلي على وسادةٍ فأخذها فرمى بها، فأخذ عودًا ليُصلي عليهِ فأخذَه فرمى بهِ وقال: “صَلِّ على الأرضِ إنِ استطعتَ، وإلا فأَوْمِئْ إيماءً، واجعل سجودكَ أخفضَ من ركوعِكَ”([2]).
فاقتضى هذا أن المريض يصلي حسب استطاعته وقدرته، فالله –عز وجل- لم يكلف عباده إلا وسعهم، فقال -جل في علاه-: ” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ”(البقرة:286)، وقال -جل في علاه-: ” مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ”(الحج:78).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فلها أن تصلي على كرسي قائمة أو قاعدة، كل ذلك حسب قدرتها واستطاعتها، وصلاتها على هذا النحو كاملة وصحيحة -إن شاء الله-.
نسأل الله لها ولكل مريض الشفاء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله –تعالى- أعلم.
[1] رواه البخاري برقم (1117).
[2] أخرجه الزيلعي في نصب الراية ج2 ص 175 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (323).