الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من حكم الله وسننه في خلقه أن جعل لهم ما يسكون إليه في حياتهم، وجعل ذلك من آياته العظيمة، قال -عز وجل- : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم : 21).
فالزواج آية من آيات الله، وهذا يقتضي الشكر له، ومن شكره تسهيل أمر الزواج وعدم تعطيله أو تعسيره، وهو ما حث عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودعا إليه، بقوله : (تزوَّجوا الوَدودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بِكُمُ الأُممَ)([1]).
هذا في العموم، أما سؤال الأخت، فإن كان الخاطب الذي اعترضت عليه أمها غير كفء لها في دينه وخلقه فالواجب عليها طاعة أمها، ولا يجوز لها عصيانها؛ لأن ذلك من العقوق . أما إن كان الخاطب كفئًا لها وليس عليه مأخذ شرعي، فالواجب على الأم عدم الاعتراض عليه؛ لأن ذلك يعد عضلًا لابنتها، والأصل في تحريمه قول الله -عز وجل- : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ َۗ)(البقرة:232) ومن يعضل موليته يعد آثمًا . والواجب على البنت إقناع أمها بالحسنى، وكذا على والدها أو الأقرب لها من أسرتها لإقناعها، فإن لم تفعل وجب على أي من أوليائها تزويجها؛ لأن الامتناع عن تزويج من هو كفؤ لها يعد عضلًا و إضرارًا بها ودفع الضرر واجب.
والله – تعالى- أعلم .
[1] – أخرجه أبو داود (2050) واللفظ له، والنسائي (3227) وحسنه الألباني في صحيح سنن في أبي داود برقم(2050).