الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالأصل أن يكون ذبح المسلم لذبيحته باسم الله، وهذا أصل عقيدته امتثالا وطاعة لله-عز وجل-فيما أمر به، ونهى عنه، أما أمره فقوله-جل في علاه-: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ (الأنعام: 118)، وهذا يوجب أن يسمِّيَ المسلم على طعامه عند أكله، وعلى شرابه حين شربه، وفي هذا قال-عز ذكره-: ﴿إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ (الأنعام: 118) أي: إذا كنتم أيها العباد تأتمرون بأوامر الله وطاعته فاجعلوا التسمية باسمه أساسا في أكلكم وشربكم، وتوكيدا للأمر ورد بعده النهي عن أكل طعامٍ وشرابٍ لم يُذكر عليه اسم الله في قوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾، وإذا لم تفعلوا فذلك فسوق وسوء في عقيدتكم، ثم بين-عز وجل-أن التسمية بغير اسم الله مما يوحي به الشيطان إلى أتباعه والمؤمنين به: {لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ}بالباطل، كقول المشركين للمسلمين: أنتم تزعمون أنكم تتبعون أحكام الله ومرضاته، فما لكم تأكلون ما ذبحتم، ولا تأكلون ما قتل الله؟ [يقصدون الميتة]، فقال الله-عز ذكره-: {وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ} أي: في قولهم بأكل الميتة {إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} أي: مثلهم.
فاقتضى ما ذكر أن الواجب على المسلم أن يسمي على ذبيحته باسم الله وحده، فإذا سمى بغيره أصبح مشركا، لا ينفعه ما تقرب به إليه.
المعنى: إن ذكر اسم غير اسم الله عند الذبح يعد شركا، فتحرم التسمية بأي اسم آخر غير اسم الله، سواء كان المسمَّى ملكا أو رسولا أو نبيا أو وليا، فالعبادة كلها لله وحده، فمن صرف شيئا منها لغيره فقد أشرك وضَلَّ سواء السبيل، وخسر خسرانا.
والله-تعالى-أعلم.